مجالس سلطان الغوري

عبد الوهاب عزام d. 1378 AH
72

مجالس سلطان الغوري

مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري

ژانرونه

وأنعم عليهم إنعامات بلا غاية، وإحسانات بلا نهاية، (درر الكواكب، لو ما كانوا متوهمين أن يبخششهم مثل الليالي، على الأهالي الأعالي، لكانوا منتظمين في خزينته العامرة، والشمس والقمر، لولا كان خوف أن يفرقهم بدل النقدين، بوجه إنعامات القراء، لكانا منسلكين في ذخيرة القاهرة، الدر والدري، خافا من جوده فتحصنا بالبحر والأفلاك.)

10

وأنا كنت قاعدا في الدهيشة، في دهشة عجيبة من مشاهدات الرايات السلطانية، ومطالعات غرائب الألطاف السبحانية؛ لأني رأيت مجلسا لا عين رأت، وسمعت مولدا لا أذن سمعت، فخطر ببالي ما لم يخطر ببال أحد، وهو أنه يمكن بحسب تخيلات الشعر، وموجب تصرفات الفكر، تشبيه هذا اليوم بيوم الجزا، وتشبيه هذه النعمة بنعمة تجزى، وتشبيه الخيمة الزرقاء بسماء يوم الدين، وتشبيه قرب شمسه بقرب سلطان السلاطين، ولله المثل الأعلى في السموات والأرض، سبحانه منزه عن الشبه والنظير،

ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ثم بعد الفراغ من المولد، وكان قريب وقت المغرب، جاء أسود الليل الغاسق، بزي السراق العائق، فسرق زر الذهب، من جيب الفلك الأطلس المذهب، فانهزم عسكر الروم من جيش الحبش،

11

وصار عين الفلك من هذا الهم أعمش، فنوروا القناديل والشموع، من أول الليل إلى وقت الطلوع.

وفي تلك الليلة، كان وجه الأرض أنور من السما، من كثرة الشموع والثريا؛ لأن شمس فلك السعادة من برج الإقبال كانت فيها طالعة، وكواكب عساكره المنصورة من مدارج الجاه والجلال لامعة.

ثم قام مقدمو الألف، وجاءوا كالملك صفا على صف، بالطول والعرض، كلهم باسوا الأرض، فقدم عليهم أكبر أولاد قريش، ووارث المملكة والجيش، ابن عم النبي العربي، الهاشمي المطلبي، أمير المؤمنين يعقوب المستمسك بالله، خليفة مصر، باس الأرض، كفرض العين وعين الفرض، وقال الخليفة:

إن الخلافة ثوب قد خصصت به

12

ناپیژندل شوی مخ