Majalis Ramadan - Ahmed Fareed
مجالس رمضان - أحمد فريد
ژانرونه
هدي النبي ﷺ في قيام الليل
كان من هدي النبي ﷺ في قيام الليل أنه لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة.
وفي الحديث الآخر: (ثلاث عشرة ركعة).
وقال بعضهم: ثلاث عشرة بضم سنة العشاء أو ركعتي الفجر؛ لأن كل صلاة بعد صلاة العشاء من قيام الليل.
وكان يفتتح القيام بركعتين خفيفتين.
وقيل: إن الحكمة في هاتين الركعتين فك عقد الشيطان، كما في الصحيح عن النبي ﷺ: (يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدة، فإذا صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)، فكأن افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين من أجل فك عقد الشيطان.
وفي حديث عائشة ﵂: (أنه كان يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا)، فهذا كان هديه ﷺ في قيام الليل.
وكان يقوم كما أمره الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل:١ - ٤] فكان يصلي إلى نصف الليل أو أكثر قليلًا أو أقل قليلًا، أو ما بين ثلث الليل إلى نصف الليل، وقد دل الأمة على أحب القيام إلى الله ﷿ وعلى أحب الصيام إلى الله ﷿، فقال: (أحب القيام إلى الله ﷿ قيام داود ﵇، وأحب الصيام إلى الله ﷿ صيام داود ﵇، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا)، فداود كان يجم نفسه أي: يريح نفسه بنوم طويل في نصف الليل الأول، ثم يقوم في النصف الأخير من الليل، وهو وقت النزول الإلهي والإذن العام، ففيه ينزل ربنا ﷿ ويقول: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟)؟ ولا شك أن النبي ﷺ هو أولى الخلق بكل فضيلة، فكان من شأنه ﷺ أن يقوم ثلث الليل تقريبًا، وكان يقوم في الثلث الأخير من الليل، وثبت عنه أنه قام في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، ولكن كان أكثر عادته ﷺ أن يقوم في الثلث الأخير من الليل أو بعد منتصف الليل.
وتقول السيدة عائشة ﵂: (ما ألفاه عندي إلا قائمًا)، وهذا القيام أحب القيام إلى الله، فكان يقوم في هذا الوقت ثم ينام سدس الليل الأخير، أي: قبل صلاة الفجر؛ ليذهب بهذا النوم اصفرار الوجه وذبول العينين وأثر السهر، ولكون هذا أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، فإذا خرج لصلاة الفجر فكأنه نائم طوال الليل.
فأما من يخرج من قيام الليل إلى صلاة الفجر فإنه يظهر عليه أثر السهر، فهذا أحب القيام إلى الله ﷿، وهو قيام داود ﵇.
وكان من هديه ﷺ طول القيام، يقول حذيفة ﵁: (صليت ليلة خلف النبي ﵌ فافتتح سورة البقرة، فقلت: يركع عند المائة، فمضى، فقلت: يركع عند المائتين فمضى، فقلت: يركع بها، فافتتح النساء ثم قرأ آل عمران لا يمر بآية فيها تسبيح إلا سبح، ولا فيها سؤال إلا سأل)، فهذا كان هديه ﷺ.
ويقول ابن مسعود ﵁: (صليت ليلة خلف النبي ﷺ فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوء)، فكان من هديه ﷺ طول القيام.
13 / 6