والقسم الثاني من الإشارة: نوع يسمى الوحي والإشارة، وهو أن يجيء كلام قليل المباني كثير المعاني يشير إليها وينبه عليها، ومن هذا قوله تعالى: {إذ بعث فيهم رسولا} فيه إشارة إلى البعثة، وذكرها يستدعي معاني، منها: البعثة كيف كانت، ومتى كانت، وأين كانت، وبما كانت أولا، وما كان من دلائلها قبل وبعد، وأول شيء نزل من القرآن، وكيف كانت الدعوة قبل الإذن في القتال، وبعده، وكيف كان نزول الكتاب، وذكر أول من آمن وأجاب، وما يتعلق بكل فصل من ذلك إجمالا وتفصيلا، وإلى كل هذا تحتمل الإشارة بقوله تعالى: {إذا بعث فيهم رسولا}.
13- وأما النصبة -وهو بكسر النون كالنصب- وهو: ما ينصب من حجر أو خشب يكون علما دالا على شيء، لكن معنى النصبة في البيان: الحالة الدالة بغير نطق على أمور، ومثلها بعضهم بخلق السموات والأرض، والبر والبحر، والنجم والشجر، الدال ذلك بوجوده على أن له صانعا متقنا ومدبرا حكيما، وهو الله جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه ، وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.
ووجه هذا في القرآن ظاهر، مع ما ورد في الحديث في صفة القرآن أن الله سبحانه جعله حجة قائمة وعلما منصوبا.
والعلم: ما يهتدى به، ويدل على جلب المنافع ودفع المضار.
مخ ۴۱۶