ومن أصناف البيان: 8- النظم، وهو التئام الكلام مع الذي قبله أو بعده، فيحكم له بحكمه، فقوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة} بين في هذا أن الحكمة -وهي هنا السنة النبوية- حكمها في التعليم حكم الكتاب، لانتظامها في الذكر والتئامهما في الكلام.
ومن ضروب النظم في الآية: حسن نظمها في التئامها بما قبلها وبعدها، وتمكن كل كلمة في موضعها.
ولا يرد على هذا ما في آية الدعوة الإبراهيمية التي فيها تقديم التعليم على التزكية، وهي قوله تعالى إخبارا: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، إنك أنت العزيز الحكيم}. لأن إجابة الله هذه الدعوة قد حصلت: من البعثة، وتلاوة الآيات، وتعليم الكتاب والحكمة، والتزكية.
لكن قدمت التزكية على التعليم في آية الإجابة، وهي هذه الآية: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} لأنه لما كان متعلمو العلم على قسمين: صالحين وغير صالحين، والصالح: يفيد فيه التعليم ويبعثه العلم على العمل أكثر من غيره، لصلاحه الذي هو التزكية الذي كان متقدما على طلب العلم -فقدمت التزكية قبل التعليم هنا لفوائد، منها ما ذكر؛ والله أعلم بما أراد. فظهر بهذا في الآية تمكن نظم قوله تعالى: {ويزكيهم} قبل قوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة}.
ومن أصناف البيان: 9- الاعتبار، واختلفوا في اشتقاقه فقيل: هو من عبور النهر من أحد شطيه إلى الآخر.
وقيل: هو من: عبرت الدراهم، إذا عرفت وزن كل درهم منها.
وقيل: من اعتبرت الكتاب إذا قرأته في نفسك من غير نطق متدبرا ما فيه.
مخ ۴۱۱