وقال أبو الحسن علي ابن سيده في كتابه ((المحكم)): ولفظ الرحمن بني على فعلان، لأن معناه الكثرة، وذلك لأن رحمته وسعت كل شيء.
وقال أبو الحسن أيضا: ومعناه عند أهل اللغة ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة، لأن فعلان بناء من أبنية المبالغة. انتهى.
ومن فوائد الحديث: أن الطلب من الله تعالى بالأفعال أبلغ في الإجابة من الطلب بالأقوال، فمن طلب أن الله يستره فستر مسلما: ستره الله، ومن طلب التيسير عليه فيسر على معسر: يسر الله عليه، وكذلك طلب الرحمة وغيرها، فمن طلب الرحمة من الله تعالى بالقول، ليس كمن رحم عباد الله لكي يرحمه الله، هذا أبلغ في استجلاب الرحمة لما فيه من النفع المتعدي، بخلاف الطالب من الله الرحمة لنفسه بالقول، هذا نفعه قاصر، وذلك أبلغ وأفضل.
ومن الفوائد: أن الدنيا عنوان الآخرة، وإذا كانت رحمة الله في الدنيا عمت المؤمن والكافر وجميع دواب الأرواح، وحتى الجمادات، وهي جزء من مائة جزء من رحمة الله، وهذا الجزء انتشر في الخلق وتنوع، وتأصل فيهم وتفرع، ومما حصل منه بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والإسلام والقرآن وعلم الدين وفوائد الدنيا على كثرتها واختلاف صنوفها، فكيف يكون الأمر في الآخرة إذا أضيفت هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة مثلها فصارت مائة يرحم الله بها عباده المؤمنين يوم القيامة؟!
مخ ۳۴۹