محاسن التأويل
محاسن التأويل
ژانرونه
زعم رؤسائهم. أو لا يعلمون الكتاب ، لكن أكاذيب مختلقة سمعوها من علمائهم. فتقبلوها على التقليد. أو لا يعلمون الكتاب لكن يتلقونه قدر ما يتلى عليهم. فيقبلونه من غير أن يتمكنوا من التدبر والتأمل فيه.
قال ابن جرير : وأولى ما روينا في تأويل قوله ( إلا أماني ) أن هؤلاء الأميين لا يفقهون ، من الكتاب الذي أنزله الله ، شيئا. ولكنهم يتخرصون الكذب ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا. والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله. بدليل قوله تعالى بعد ( وإن هم إلا يظنون ) فأخبر عنهم أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ظنا منهم ، لا يقينا.
وقال أبو مسلم الأصفهاني : حمله على تمني القلب أولى. بدليل قوله تعالى ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، تلك أمانيهم ) [البقرة : 111] أي تمنيهم. وقال الله تعالى : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوءا يجز به ) [النساء : 123] ، وقال ( تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم ) [البقرة : 111] ، ( وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ، وما لهم بذلك من علم ، إن هم إلا يظنون ) [الجاثية : 24] بمعنى يقدرون ويخرصون. ورجح كثيرون حمله على القراءة ، كقوله تعالى : ( إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) [الحج : 52] ، إذ في الاستثناء ، حينئذ ، نوع تعلق بما قبله. فيكون أليق في طريقة الاستثناء. و ( إن هم إلا يظنون ) ما هم إلا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد ، من غير أن يصلوا إلى رتبة العلم. فأنى يرجى منهم الإيمان المؤسس على قواعد اليقين؟
(تنبيه) قال الراغب : قد أنبأ الله عن جهل الأميين وذمهم والمبالغة في ذم علمائهم وأحبارهم. فإن الأميين لم يعرفوا إلا مجرد التلاوة. واعتمدوا على زعمائهم وأحبارهم. وهم قد ضلوا وأضلوا. ونبهنا الله تعالى بذم الأميين ، على اكتساب المعارف لئلا يحتاج إلى التقليد والاعتماد على من لا يؤمن كذبه. وبذم زعمائهم ، على تحري الصدق وتجنب الإضلال. إذ هو أعظم من الضلال.
ولما بين حال هؤلاء في تمسكهم بحبال الأماني واتباع الظن ، عقب ببيان حال الذين أوقعوهم في تلك الورطة ، وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله ، وأكل أموال الناس بالباطل. فقيل على وجه الدعاء عليهم.
مخ ۳۳۸