محاسن التأويل
محاسن التأويل
ژانرونه
قادرين أولا لأنه سابقة أصول النعم ، ومقدمتها ، والسبب في التمكن من العبادة والشكر وغيرهما ، ثم خلق الأرض التي هي مكانهم ، ومستقرهم الذي لا بد لهم منه وهي بمنزلة عرصة المسكن ، ومتقلبه ، ومفترشه ، ثم خلق السماء التي هي كالقبة المضروبة ، والخيمة المطنبة على هذا القرار ، ثم ما سواه عز وجل من شبه عقد النكاح بين المقلة والمظلة بإنزال الماء منها عليها ، والإخراج به من بطنها أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبني آدم ، ليكون لهم ذلك معتبرا ، ومتسلقا إلى النظر الموصل إلى التوحيد والاعتراف ، ونعمة يتعرفونها فيقابلونها بلازم الشكر ، ويتفكرون في خلق أنفسهم ، وخلق ما فوقهم وتحتهم ، وأن شيئا من هذه المخلوقات كلها لا يقدر على إيجاد شيء منها ، فيتيقنوا عند ذلك أن لا بد لها من خالق ليس كمثلها حتى لا يجعلوا المخلوقات له أندادا ، وهم يعلمون أنها تقدر على نحو ما هو عليه قادر.
ونظير هذه الآية قوله تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ، ذلكم الله ربكم ، فتبارك الله رب العالمين ) [غافر : 64]. فمضمونه أنه الخالق ، الرازق ، مالك الدار وساكنيها ، ورازقهم. فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره.
ولما احتج عليهم بما يثبت الوحدانية ، ويحققها. ويبطل الإشراك ، ويهدمه ، وعلم الطريق إلى إثبات ذلك ، وتصحيحه. وعرفهم أن من أشرك فقد كابر عقله ، وغطى على ما أنعم عليه من معرفته وتمييزه عطف على ذلك ما هو الحجة على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يدحض الشبهة في كون القرآن معجزة ، وأراهم كيف يتعرفون : أهو من عند الله كما يدعي أم هو من عند نفسه كما يدعون ؟ بإرشادهم إلى أن يحزروا أنفسهم ، ويذوقوا طباعهم ، وهم أبناء جنسه ، وأهل جلدته.
فقال تعالى :
** القول في تأويل قوله تعالى :
* (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا)
* شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) (23)
( وإن كنتم في ريب مما نزلنا ) أي من القرآن الذي نزلناه ( على عبدنا )
مخ ۲۶۷