محاسن التأويل
محاسن التأويل
ژانرونه
وعلوا ... ) [النمل : 13 14] الآية. وقال تعالى : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات .... ) إلى قوله ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر .... ) [الإسراء : 101 102] الآية.
ما اقتضته الحكمة الربانية في التنزيل الكريم
قال الشيخ ولي الله الدهلوي قدسسره في الفوز الكبير :
ليعلم أن المقصود من نزول القرآن تهذيب طوائف الناس من العرب والعجم ، والحضر والبدو. فاقتضت الحكمة الإلهية أن لا يخاطب ، في التذكير بآلاء الله ، بأكثر مما يعلمه أكثر أفراد بني آدم. ولم يبالغ في البحث والتفتيش مبالغة زائدة ، وسيق الكلام في أسماء الله وصفاته عز وجل بوجه يمكن فهمه والإحاطة به بإدراك وفطانة ، خلقت أفراد الإنسان ، في أصل الفطرة عليها. بدون ممارسة الحكمة الإلهية ، وبدون مزاولة علم الكلام ، فأثبت ذات المبدأ إجمالا ، لأن هذا العلم سار في جميع أفراد بني آدم ، لا ترى طائفة منهم في الأقاليم الصالحة والأمكنة القريبة من الاعتدال ، ينكرون ذلك. ولما امتنع ، بالنسبة إليه ، إثبات الصفات بطريق تحقيق الحقائق ، مع أنهم إن لم يطلعوا على الصفات الإلهية لم ينالوا معرفة الربوبية التي هي أنفع الأشياء في تهذيب النفوس اقتضت الحكمة الإلهية أن يختار شيء من الصفات البشرية الكاملة مما يعلمونها ، ويجري التمدح بها فيها بينهم ، فتستعمل بإزاء المعاني الغامضة التي لا مدخل للعقول البشرية في ساحة جلالها ، وجعل نكتة ( ليس كمثله شيء ) [الشورى : 11] ، ترياقا للداء العضال من الجهل المركب ، ومنع من الصفات البشرية التي تثير الأوهام بجانب العقائد الباطلة في إثبات مثلها. كإثبات الولد والبكاء والجزع. وإن تأملت بتعمق النظر ، وجدت الجريان على مسطر العلوم الإنسانية غير المكتسبة ، وميزت صفات يمكن إثباتها ، ولا يقع بها خلل من الصفات التي تثيرها الأوهام الباطلة أمرا دقيقا لا تدركه أذهان العامة . لا جرم كان هذا العلم توقيفيا ، ولم يؤذن لهم في التكلم بكل ما يشتهون ، واختار سبحانه وتعالى من آلائه وآيات قدرته ، جل وعلا ، ما تساوت في فهمه الحضر والبدو والعرب والعجم ، ولهذا لم يذكر النعم النفسانية المخصوصة بالأولياء والعلماء ، ولم يخبر بالنعم الارتفاقية المخصوصة بالملوك. وإنما ذكر سبحانه وتعالى ما ينبغي ذكره. كخلق السموات والأرضين ، وإنزال الماء من السحاب ، وإجرائها من الأرض ، وإخراج أنواع الثمار والحبوب والأزهار بواسطة الماء ، وإلهام الصناعات الضرورية والقدرة على فعلها. وقد
مخ ۱۶۵