محاسنو او سیواوی
المحاسن والمساوئ
فلما بلغت النجم عزًا ورفعةً ... وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا
رماني الردى سهمًا فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي ميتًا ألقى
ولم يغن عني ما جمعت ولم أجد ... لدى قابض الأرواح في فعله رفقا
ولبعضهم في القاسم بن عبيد الله:
خرجت من الدنيا ذميمًا إلى القبر ... فلا أحدٌ يأسى ولا عبرةٌ تجري
وترت رسول الله في أهل بيته ... فكيف رأيت الله طالب بالوتر
الجاحظ قال: مررت بقبرين مكتوب على أحدهما: أنا ابن سافك الدماء، وعلى الآخر: أنا ابن ساجن الريح، فسألت عنهما فقيل: كان أحدهما حجامًا والآخر حدادًا.
قال الكسروي: مررت بناووس في الري فإذا عليه مكتوب:
وما نارٌ بمحرقةٍ جوادًا ... وإن كان كان الجواد من المجوس
ورأيت على ناووس ذكر أنه ناووس مهيار بن مهفيروز:
أيا ميتًا قد كان في أهل دينه ... مكان سنان الرمح لما تقدما
لقد كنت أرجو الدهر أن يسعف النوى ... وأرجو المنايا أن توافيك مسلما
فإن بخست آمالنا فيك ضلةٌ ... سعادة جدٍ ما أجلّ وأعظما
محاسن ما قيل في الشيب
قال: دخل منصور النميري على الرشيد فأنشده:
ما كنت أوفي شبابي كنه عزته ... حتى مضى فإذا الدنيا له تبع
فبكى الرشيد وقال: يا نميري لا خير في دنيا لا يخطر فيها بحلاوة الشباب ويستمتع بأيامه، وأنشد:
ولو ان الشيب رزءٌ حل بي ... وقت ما استحققت شيبًا لم أبل
بل أتاني والصبا يرمقني ... مثل ما يأتي الكبير المكتهل
وأنشد:
حسرت عني القناع ظلوم ... وتولت ودمعها مسجوم
أنكرت ما رأت برأسي فقالت ... أمشيبٌ أم لؤلؤٌ منظوم
قلت شيبٌ وليس عيبًا، فأنّت ... أنّةً يستثيرها المهموم
واكتست لون مرطها ثم قالت ... هكذا من توسدته الهموم
إن أمرًا جنى عليك مشيب ال ... رأس في جمعه لأمر عظيم
شدّ ما أنكرت تصرف دهرٍ ... لم يداوم وأي شيءٍ يدوم
لابن المعتز:
لما رأت شيبًا يلوح بعارضي ... صدت صدود مغاضبٍ متحمّل
نظرت إلي بعين من لم يعدل ... لما تمكن طرفها من مقتلي
ما زلت أطلب وصلها بتذلل ... والشيب يغمزها بأن لا تفعلي
ولابن المعتز أيضًا في الشيب:
قالت وقد راعها مشيبي ... كنت ابن عمٍ فصرت عما
واستهزأت بي فقلت أيضًا ... قد كنت بنتًا فصرت أما
كفّي ولا تكثري ملامي ... ولا تزيدي العليل سقما
من شاب أبصر الغواني ... بعين من قد عمي وصمّا
لو قيل لي اختر عمىً وشيبًا ... أيهما شئت قلت أعمى
ولآخر:
رأت طالعًا للشيب أغفلت أمره ... ولم تتعهده أكفُّ الخواضب
فقالت: أشيبًا ماأرى؟ قلت: شامةٌ ... فقالت: لقد شامتك بين الحبائب
ولآخر:
شكوت من الشيب حتى ضجرت ... فدبّ إلى عارضي واشتعل
وسوّد وجهي فسودته ... فعلت به مثل ما قد فعل
ولآخر:
إذا راقهنّ خدين الشباب ... عطفن كما تعطف الوالده
وإن هنّ عاينّ ذا شيبةٍ ... فيا لك من مقلٍ زاهده
فويح الشباب وويح المشيب ... عدوّان دارهما واحده
لابن المعتز:
صرحت بالجفاء أمُّ حباب ... حين باشرتها ببعض الخطاب
قلت: لم ذا وقد رأيتك حينًا ... لا تملّين عشرتي وعتابي؟
قالت الشيب قد أتاك فأقصر ... عن عتابي فلست من أصحابي
فتعلّلت بالخضاب لأحظى ... عندها ساعةً بلون الخضاب
فرأته فأعرضت ثم قالت: ... ستر سوءٍ على خرابٍ يباب
ولابن المعتز أيضًا:
رفعت طرفها إليّ عبوسًا ... واستثارت من المآقي الرسيما
1 / 157