وقد قيل في المحكم والمتشابه أقوال كثيرة، وهذا القول أقربها وأشبهها بهذا الحديث.
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾؛ أي: ميل عن الحق إلى الباطل، ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾؛ يعني: يبحثون في الآيات المتشابهات ﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾؛ أي: لابتغاء الفتنة، والابتغاء: الطلب؛ أي: لطلب إيقاع الشك والخصومة بين المسلمين ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾؛ أي: ولابتغاء تأويله، والتأويل ما يؤل إليه المعنى؛ أي: يرجع إليه؛ أي: يبحثون فيه لاستنباط معانيه وكيفيته وحكمه.
﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ قال محيي السنة وهو مؤلف "المصابيح": إن أهل السنة يقفون على قوله تعالى: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، ثم يبتدؤون بقوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧]، هذا تفسير الآية.
قوله: "فإذا رأيت الذين": هذا خطاب لعائشة، والمراد: عائشة وجميع المسلمين "فأولئك الذين سمى الله"، (سمى) يقتضي مفعولين، وكلا المفعولين هنا محذوف، وتقديره: فأولئك الذين سماهم الله أهل الزيغ، "فاحذروهم" أيها المسلمون ولا تجالسوهم ولا تكالموهم؛ فإنهم أهل البدعة والضلالة والزيغ.
* * *
١١٣ - وقال عبد الله بن عمْرو ﵄: هجَّرْتُ إلى رسولِ الله ﷺ يومًا، فسمعَ صوتَ رَجلينِ اختلفا في آيةٍ، فخرجَ يُعرفُ في وجههِ الغضَبُ، فقال: "إنما هلكَ مَنْ كانَ قبلكُمْ باختلافِهِمْ في الكتابِ".
قوله: "وقال عبد الله بن عمرو: هجَّرت إلى رسول الله ﵇" (التهجير): المشي في وقت الهاجرة، وهي نصف النهار ومدة وقت غاية