============================================================
2784مفاتيح الاسرار ومصابيح الأبرار وأنت قد عرفت أن الميزان مشتمل على كفتي النفي والإثبات، وأن ما هو مستحق النفي كثير، وكلة ليس بشيء، وذلك قول الزعيم بما يقول: "فلئن أمر الباطل فلقديما فعل" وأن ما هو مستحق الاثبات واحد وهو مسمى الشيء م عرفت أن الحق له كونان ووجودان وحكمان، وأن الباطل له كون واحد ووجود واحد وحكم واحد؛ فنازع الحق هاهنا في الوحدة؛ إذ خص الوحدة بذاته وخص الكثرة بذات الحق، ونازعه هناك حيث خص القوة بذاته للكثرة والضعف بذات الحق للقلة، وكل مايثبته للحق من الوحدة والكثرة والقوة والضعف فهو يشابهه فيه -120 ب ويمائله: فكنا أن الحق له وجود مطلقا عاما كذلك الباطل له وجود مطلق عام: وكماقام الحق بالمحق كذلك قام الباطل بالمبطل، "حق وباطل ولكل أهل." فاعرض هذا التضاد والتشابه في التضاد على الملائكة والشياطين أو على الملك المطيع الأول وعلى الشيطان الفاسق الأول. إن أخذت في ترتيب الموجودات ووصلت إلى أول لا ما خلق الله تعالى وهو العقل، فاعرف أن أول ما يظهر في مقابلته بالتضاد ويشابهه في الوجود الجهل، وهو إبليسه وشيطانه؛ فيكون للعقل إقبال وإدبار بالأمر فوقه: "قال له أقبل، فأقبل ثم قال له أدبر، فأدبر"(5:2) فشابهه الجهل في الكون الأول وهو الإقبال بحكم المشابهة لا بحكم الأمر، وباينه في الكون الثاني وهو الآدبار.
م اعرض هذا المعنى على الأشخاص عند ظهور نائب الأمر وخليفة الحكم وهو أدم - عليه السلام - فالملائكة الذين هم نتائج العقل المفطورون من نور العقل سجدوالله تعالى ب فطرتهم وبالأمر: والشيطان الذي هو من نتائج الجهل المجبول من ظلمته سجد كذلك بالمشابهة لا بالأمر والفطرة.
ثم لما قال تعالى: (اشجدوا لآدم ) وذلك كما قال للعقل الأول أدبر فأدبر، (فسجد الملائكة كلهم أجمقون) على منهاج والدهم العقل الأول؛ إذكان السجود الأول لهم بالفطرة الخالصة والأمر المحض؛ فسجدوا أيضا بالفطرة الثانية والأمر، حتى تحقق لهم الكونان: كون الإقبال وكون الإدبار؛ وأبى واستكبر من كان من الكافرين الذين هم نتائج 1. س: "سجدوا لله تعالى مدة فطرتهم بفطرتهم الآمر" والظاهر آن الصحيح ما أتبتناه بدليل ما ياتي بعده.
ليتهنل
مخ ۳۴۴