============================================================
1192مفاتيح الاسرار ومصابيح الآبرار لا يجوز ان توجد خواص واحد منها في اخر سواه، وليس إن كان جائزا ان يوجد الغيران إما متشابهين في الذات وإما متشابهين في الهيئة وإما متساويين في المقدار؛ فوجب ان يتمانلا على الاطلاق، بل إذ لم يجز ان يوجد مجموع خواص واحد من الموجودات في آخر -181- سواه؛ فمن الواجب أن يقال: إنهما كالمتماثلين وليسا بمثلين؛ فإن المثل في الحقيقة هو ان لايفوته شيء من اوصاف الممثل يه، وإن السوادين والبياضين منلان على اصطلاح المتكلمين، ولكن حد المثلين عندهم هما المشتركان في الأوصاف الذاتية ، ولاخلاف أن السوادين اختلفا بالمحلين والزمانين، فقد فاته شيء ما من أوصاف المثل الثاني.
و قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) ليس يقتضي إثبات المثل، بل إثبات المثل على الاطلاق في الموجودات إذاكان محالا فهو في حقه تعالى أبعد توهما وأشد محالا. فالعقول سالمة عن توهم مثل له تعالى، ومعرضة لتوهم شيء كالمثل، فأزال الله تعالى الشبهة عن القلوب، ونفى وجود شيء كالمثل له: إذ الشبهة كانت متجهة إليه لاغير؛ فإذا قوله تعالى: وليس كيثله شيء) معناه - والله أعلم - أنه ليس شيء من الموجودات مما يجوز أن يكون كالمماثل له بجهة من جهات التماثل، لا على طريق الذات، ولا على طريق الهيئة، ولاعلى طريق المقدار؛ فإنه تعالى مقدس عن ذلك كله. ثم جرى المثل في جميع القرآن على ذلك المنهاج من اللفظ. فقال متلهم كمثل كذا وكذا، ووجه تقريب المثل بالممثل به على غاية ما يمكن وإن كان لايتصور أن يكون مثلا له من كل وجه.
وسر آخر: أن المنافقين بعد زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من الخوارج المارقين والقاسطين والناكثين وغيرهم من آمراء الجور وولاة الظلم الذين انتصبوا لمعاداة الحق وأهله قداستوقدوا نارا من الإمارة، حتى استضاءوا بنورها زمانا على مقدار الآيقاد؛ فلما اضاعت ما حولهم وتمتعوا بها، ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات من التبعات، وظلمات من الضلالات، لايبصرون الهدى والصواب، ولايهتدون إلى الباب، وقد تقطعت بهم الوصلات والأسباب؛ فهم صم بكم عمى لايرجعون إلى أصحاب الحفوق.
و سر آخر: في الصم البكم العمي أن لله تعالى ايات أمرية تقرأ في القرآن وتسمع، وأيات ليتهنل
مخ ۲۵۸