249

============================================================

تفبر سورة البقرة /183 اعني المنافق - : إني مع المؤمنين، ويقول للشياطين: إني معكم؛ ومن أنبت الكون معهما ويكذب فقد نفى الكون معهما ويصدق؛ فلذلك أخبر التنزيل عنهم بقوله: (مذبذبين بين ذ لك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء): وكما كان اللعين الأول منافقا في الدور الأول مذبذبا بين الملائكة والناس، والحق لم يكن من هؤلاء ولا من هؤلاء، كذلك المنافقون في الدور الآخر قالوا: نحن مع هؤلاء ومع هؤلاء، ولم يكونوا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؛ وكما آنه اشترى الضلالة بالهدى، أي الاختيار والهوى بالنص والأمر، كذلك هؤلاء اشتروا الضلالة بالهدى، أي الهوى بالهدى، والخذلان بالقرآن، والشياطين بالمؤمنين؛ فكان الأول مثل الآخر والآخر مثل الأول حذو القدة [بالقذة]، والنعل بالنعل.

فإن قيل: إذا علم الله تعالى أحوال المنافقين وأعلم نبيه -صلى الله عليه وآله -صفاتهم وأطلعه على أقوالهم وأفعالهم فهل انقطع عنهم أحكام الإسلام؟ وهل حكم عليهم بأحكام الشرك والكفر؟ فإن لم ينقطع فما فائدة الإظهار والاعلام؟ وكيف يجوز في حكم النبي -صلى اله عليه وآله - أن يسوي بين المؤمن والكافر؟ وإن انقطع ذلك الحكم فهلا جاهدهم جهاد المشركين، وقد قال الله تعالى: "يا أيها النبي جاهد الكفار والمتافقين)؟ وإن قلت: إنه - صلى الله عليه وآله - جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بالحجة، فليس في الآية هذا التمييز، بل ساق الجهاد مساقا واحدا، والحجة كما وجب إلزامها على المنافقين كذلك وجب إلزامها على المشركين؛ فلم يكن لها اختصاص بالمنافقين.

والجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أن الله تعالى أطلع نبيه -صلى الله عليه وآله - على صفات المنافقين لاعلى اسمائهم بأعيانهم، فجرى عليهم أحكام الاسلام، لإظهارهم شعاره، وهم بعد في ظل الكلمتين امتون مسلمون إلى ان يظهر منهم شقاق، -177 مثل حال ذي الخويصرة التميمي، إذ قال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، إلى أن قال: من يقوم إلى هذا الرجل فيقتله. ل فإنما أجرى عليه حكم الكفر حين أظهر النفاق وأبدى صفحة الشقاق. والوجه التانى: أن الله تعالى أعلم نبيه -صلى الله عليه وآله - حالهم بأسمائهم وصفاتهم وأعيانهم، لكن النبي - صلى الله عليه وآله - إنما يحكم عليهم بالكفر ويجري عليهم أحكام الكفر ليتهنل

مخ ۲۴۹