199

============================================================

تفسير سورة البقرة /133 عباس أيضا: هم الذين يحذرون من الله عقوبته، ويرجون رحمته؛ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم - : "جماع التقوى في قول الله -عزوجل - : "إن الله يأمر بالعدل والإخسان"(7 وقال -صلى الله عليه وسلم -: "إنما سموا متقين بتركهم ما لابأس به حذرا للوقوع فيما فيه بأس (428)" وقال بعضهم: التقوى أن لايراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك. الأسرار وقد قال أميرالنؤمنين علي -رضي الله عنه -: "إنه لايهلك على التقوى سنخ أصل ولايظمأ عليه زرع قوم1"(429) وقال الله تعالى: (والزمهم كلمة التقوى) يعني لا إله إلا الله.

فالمتقون هم القائلون لا إله إلا الله؛ وأول ما يجب على المتقي أن يخاف الله؛ فلا يقول في جلاله ما لايليق بجلاله، وأن لايجادل في الله برأيه وجداله، وأن لايحكم العقل والهوى في اسمائه وصفاته، وأن لايقاسمه على مخلوقاته ومصنوعاته حتى يصير الكتاب هاديا له من الضلالة وبصيرة له من الجهالة وإلا فما يزيدهم إلا عمى وكفرا وسر آخر: أن التقوى تنزل من النفوس منزلة الاحتماء عن موجبات العلل في الأجساد والتحرز عنها لئلا يصيبه مرض؛ وكما للأجساد علل وأمراض كذلك للنفوس علل وأمراض؛ وأشد الأمراض نكاية هوالشرك بالله. فلهذا فسروا أكثر ألفاظ التقوى بالتحرز عن الشرك؛ فإنه (من يشرك بالله فقد حبط عمله ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدأ)، وبعده التحرز عن النفاق والشقاق؛ فإن ذلك أيضا من المحبطات، ثم بعدهما التحرز عن الكبائر الموبقات، وبعده عن الصغائر: فللتقوى مراتب على قدر مراتب العلل والأمراض النفسانية، وكأنه قبل الإيمان والإحسان بدرجة، ولهذا قدمه في قوله -عز ذكره - : (إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأخسنوا) وكأن التقوى الأول عن الشرك، والثاني عن النفاق، والثالث عن الكبائر؛ ومن الناس من ينازع في التوحيد، ومنهم من ينازع في النبوة، ومنهم من ينازع في الوصاية والآمامة: وهذه مراتب ثلاث يجب التحرز عنها والتقوى منها: وعلى هذه الطربقة نزلت التقوى منزلة الطهارة ونزل 1. في مستدرك الوسائل: "لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل" .

ليتهنل

مخ ۱۹۹