134

Mafātīḥ al-Ghayb

مفاتيح الغيب

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٠ هـ

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تفسیر
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْبَاءُ مِنْ «بِسْمِ» مُشْتَقٌّ مِنَ الْبِرِّ فَهُوَ الْبَارُّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَجَلُّ بِرِّهِ وَكَرَامَتِهِ أَنْ يُكْرِمَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرُؤْيَتِهِ. مَرِضَ لِبَعْضِهِمْ جَارٌ يَهُودِيٌّ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ لِلْعِيَادَةِ وَقُلْتُ لَهُ: أَسْلِمْ، فَقَالَ: عَلَى مَاذَا؟ قُلْتُ: مِنْ خَوْفِ النَّارِ قَالَ: لَا أُبَالِي بِهَا، فَقُلْتُ: لِلْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، فَقَالَ: لَا أُرِيدُهَا، قُلْتُ: فَمَاذَا تُرِيدُ؟ قَالَ: عَلَى أَنْ يُرِيَنِي وَجْهَهُ الْكَرِيمَ، قُلْتُ: أَسْلِمْ عَلَى أَنْ تَجِدَ هَذَا الْمَطْلُوبَ، فَقَالَ لِي: اكْتُبْ بِهَذَا خَطًّا، فَكَتَبْتُ لَهُ بِذَلِكَ خَطًّا فَأَسْلَمَ وَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ، فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ يَتَبَخْتَرُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا شَمْعُونُ، مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قال: غفر لي، وقال لي: أسلمت شوقًا إِلَيَّ. وَأَمَّا السِّينُ فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمِهِ السَّمِيعِ، يَسْمَعُ دُعَاءَ الْخَلْقِ مِنَ الْعَرْشِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى. رُوِيَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ خَرَجَ مَعَ مُنَافِقٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الطَّائِفِ فَبَلَغَا خَرِبَةً فَقَالَ الْمُنَافِقُ نَدْخُلُ هَاهُنَا وَنَسْتَرِيحُ، فَدَخَلَا وَنَامَ زَيْدٌ فَأَوْثَقَ الْمُنَافِقُ زَيْدًا وَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَالَ زَيْدٌ: لِمَ تَقْتُلُنِي؟ قَالَ: لِأَنَّ مُحَمَّدًا يُحِبُّكَ وَأَنَا أُبْغِضُهُ، فَقَالَ زَيْدٌ: يَا رَحْمَنُ أَغِثْنِي، فَسَمِعَ الْمُنَافِقُ صَوْتًا يَقُولُ: وَيْحَكَ لَا تَقْتُلْهُ، فَخَرَجَ مِنَ الْخَرِبَةِ وَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا، فَرَجَعَ وَأَرَادَ قَتْلَهُ فَسَمِعَ صَائِحًا أَقْرَبَ مِنَ الْأَوَّلِ يَقُولُ: لَا تَقْتُلْهُ، فَنَظَرَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا، فَرَجَعَ الثَّالِثَةَ وَأَرَادَ قَتْلَهُ فَسَمِعَ صَوْتًا قَرِيبًا يَقُولُ: لَا تَقْتُلْهُ، فَخَرَجَ فَرَأَى فَارِسًا مَعَهُ رُمْحٌ فَضَرَبَهُ الْفَارِسُ ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ، وَدَخَلَ الْخَرِبَةَ وَحَلَّ وِثَاقَ زَيْدٍ، وَقَالَ لَهُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَنَا جِبْرِيلُ حِينَ دَعَوْتَ كُنْتُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالَ اللَّهُ ﷿: (أَدْرِكْ عَبْدِيَ)، وَفِي الثَّانِيَةِ كُنْتُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَفِي الثَّالِثَةِ بَلَغْتُ إِلَى الْمُنَافِقِ. وَأَمَّا الْمِيمُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ مِنَ الْعَرْشِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى مُلْكَهُ وَمِلْكَهُ. قَالَ السُّدِّيُّ: أَصَابَ النَّاسُ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ﵉، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ خَرَجْتَ بِالنَّاسِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ، فَخَرَجُوا وَإِذَا بِنَمْلَةٍ قَائِمَةٍ عَلَى رِجْلَيْهَا بَاسِطَةٍ يَدَيْهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، وَلَا غِنَى لِي عَنْ فَضْلِكَ، قَالَ: فَصَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ، فَقَالَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ ﵇: ارْجِعُوا فَقَدِ اسْتُجِيبَ لَكُمْ بِدُعَاءِ غَيْرِكُمْ. أَمَّا قَوْلُهُ: «اللَّهُ» فَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنِّي أَقُولُ طُولَ حَيَاتِي اللَّهُ، فَإِذَا مِتُّ أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا سُئِلْتُ فِي الْقَبْرِ أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا جِئْتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا أَخَذْتُ الْكِتَابَ أَقُولُ اللَّهُ وَإِذَا وُزِنَتْ أَعْمَالِي أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا جُزْتُ الصِّرَاطَ أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ أَقُولُ اللَّهُ، وَإِذَا رَأَيْتُ اللَّهَ قَلْتُ اللَّهُ. النُّكْتَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فَاطِرٍ: ٣٢] فَقَالَ: أَنَا اللَّهُ لِلسَّابِقِينَ، الرَّحْمَنُ لِلْمُقْتَصِدِينَ، الرَّحِيمُ لِلظَّالِمِينَ، وَأَيْضًا اللَّهُ هُوَ مُعْطِي الْعَطَاءَ، وَالرَّحْمَنُ هُوَ الْمُتَجَاوِزُ عَنْ زَلَّاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالرَّحِيمُ هُوَ الْمُتَجَاوِزُ عَنِ الْجَفَاءِ، وَمِنْ كَمَالِ رَحْمَتِهِ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ أَعْلَمُ مِنْكَ مَا لَوْ عَلِمَهُ أَبَوَاكَ لَفَارَقَاكَ، وَلَوْ عَلِمَتْهُ الْمَرْأَةُ لَجَفَتْكَ، وَلَوْ عَلِمَتْهُ الْأَمَةُ لَأَقْدَمَتْ عَلَى الْفِرَارِ مِنْكَ، وَلَوْ عَلِمَهُ الْجَارُ لَسَعَى فِي تَخْرِيبِ الدَّارِ، وَأَنَا أَعْلَمُ كُلَّ ذلك وَأَسْتُرُهُ بِكَرَمِي لِتَعْلَمَ أَنِّي إِلَهٌ كَرِيمٌ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: اللَّهُ يُوجِبُ وِلَايَتَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَقَرَةِ: ٢٥٦] وَالرَّحْمَنُ يُوجِبُ

1 / 154