42 أبيقور.
44 بيرون.
52 زرادشت.
53 أرشميدز أو إقليدس.
مدرسة الحكمة
حول لوحة لرافائيل
رسمها رافائيل في عام 1509-1510، وعرفت في تاريخ الفن باسم «مدرسة أثينا»، وجنت عليها هذه التسمية المشهورة زمنا طويلا؛ فقد حاول المفسرون على مر القرون أن يروا فيها صورة تعكس تاريخ الفلسفة، وترسم للعين كيف ولدت على أرض اليونان، وانتقلت من مدرسة إلى مدرسة، ومن معلم إلى معلم، ثم جاء العصر الحديث فرأى فيها لوحة نفسية تحررت من قيود المكان والزمان، عبر فيها الفنان عن مغامرة الفكر المجرد، وصور بها كفاح أبطاله المساكين، حين يترددون بين النجاح والفشل، ويجربون السعادة واليأس، ويشقون بالوحدة أو يبتهجون بالحقيقة. استطاع رافائيل أن يبدع هذه الملحمة الهائلة التي تزدحم بالحكماء على اختلاف نماذجهم وأشكالهم، وتسجل الصراع بين الفكر والفكر، وتجسد المعاني في شخصيات تملك إعجابنا وإجلالنا، أو تستثير ضحكنا وسخريتنا، نحن هنا شهود في مسرحية لن يسدل عليها الستار أبدا. نعاين النور الذي انبثق في قلب الإنسان وعقله لأول مرة، ونستمع إلى السؤال الخالد الذي انطلق من فم اليوناني القديم: «ما هو الوجود؟» فردده الناس من شرق وغرب، وراحوا على اختلاف أجناسهم وأديانهم وتعدد ملامحهم ولون بشرتهم يحاولون الإجابة عليه. على هذه الأرض الجديدة التي أقام عليها الفلاسفة جنتهم الفانية، لا يوجد فقراء أو أغنياء، ولا سادة أو عبيد، ولا مؤمنون أو كافرون، ولا يسأل أحد ما هو وطنك أو صناعتك؛ لأن الجميع مشغولون بالسؤال عن المعنى والمصير، عاكفون على التأمل والتفكير.
لكن التفكير لا ينفصل عن المفكر، إنه مرتبط بتكوينه وطبيعته ارتباطه بجسده ودقات قلبه (فالأفكار العظيمة تأتي جميعا من القلب)، واللوحة التي بين أيدينا تصور نماذج ثلاثة من الفكر حين تصور ثلاثة نماذج رئيسية من المفكرين، فهناك القلقون دائما، الذين لا يفهمون حين يعتقد الناس أنهم فهموا، والذين يندهشون على الدوام، حين يؤكد الجميع أن ليس هناك ما يدعو إلى الدهشة. إنهم يحملون بذور التمرد معهم إلى حيث يذهبون، ويسخطون حيث يرضى الكل ويوافقون، حياتهم مقاومة مستمرة، فهم يقاومون العادة والتقاليد، كما يقاومون الشك والتسليم، إنهم لا يرضون باتخاذ «موقف»، حتى ولو كان هذا الموقف هو الشك، ويظل الواحد منهم ينسج كالعنكبوت عالمه الوحيد، ويغوص مثل هاملت من فكرة إلى فكرة، وينحدر من هاوية إلى هاوية، وكأنه يغزل خيوط الحبل الذي سيلتف في النهاية حول رقبته.
وهناك الذين لا يستطيعون أن يستقلوا برأي، أو ينفردوا على طريق، إنهم يتلقون وينصتون، ويلتفون حول المعلم فيتحمسون له أو يعارضونه، ويطرقون برءوسهم موافقين أو يهزونها مخالفين، ويتفانون في الوفاء له أو في الحرب عليه، ويسيرون صفوفا وراء غيرهم فيعيدون كلامهم أو يعيشون عالة على تجربتهم، ولكنهم في كل الأحوال لا يستقلون برأي، ولا يكشفون عن ذات تختلف عن بقية الذوات.
وهناك الباحثون والعلماء، الناقدون منهم والمتشككون، كل شيء بالنسبة إليهم يمكن أن يبرهن على صحته أو خطئه، ويقام الدليل على وجوده أو عدمه، قد يكونون مفكرين مناضلين، وقد يكتفون بالتملي والمشاهدة، قد يقضون حياتهم في التأمل والتجريد، وقد يقضونها في انتظار الإلهام السعيد، أو الحنين إلى الأصل الذي خرجوا عنه والأمل في الرجوع إليه من جديد.
ناپیژندل شوی مخ