فما أحلى انتظاما غير ناثر
وعلى الجملة فإن المدينة تسر النفس بحسن مرآها، وأبنيتها الجميلة، وأنزالها الفسيحة، وأسواقها ومياهها، ورياضها ولطف سكانها، وتستقدم إليها المصطافين؛ للتمتع بما حباها الله به من الامتيازات الطبيعية والتسهيلات النقلية. ويكفينا الآن في وصفها ما كتبه إبراهيم أفندي الحوراني لما زارها سنة 1902 في الجزء 1915 من النشرة الأسبوعية الغراء، قال: «من المدن التي تقدمت في سورية تقدما يذكر مدينة زحلة فكل بيوتها إلا القليل منها يضاهي أحسن بيوت بيروت، وفيها كثير من المدارس والمعلمين والخطباء والشعراء والأطباء والفقهاء ...» ثم أطال في وصف الكلية الشرقية.
ومن أفضل التسهيلات فيها؛ أنها في متوسط تشعبات السكة الحديدية، فمنها إلى دمشق نحو خمس ساعات وكذلك إلى بيروت وحماة، وإلى حلب نهار كامل. وكانت الأسفار قبلا إلى هذه المدن شاقة خطرة فأصبحت اليوم سهلة كل السهولة؛ فضلا عن أن طريق العربات يمتد منها إلى دمشق فبيروت فبعلبك فكثير من المدن والقرى.
وعلى الجملة فهي أكبر مدينة لبنانية شهيرة قائمة في شرقي لبنان، متجهة إلى سهلي بعلبك والبقاع؛ بل هي قضاء برأسها من الأقضية السبعة كما سترى.
هوامش
تربتها وصخورها
إن تربة زحلة وما يجاورها معظمها بيضاء كلسية أشبه بالطباشير ؛ ولذلك سمي البقاع الغربي الذي كانت المدينة قاعدته (قبل تنظيم متصرفية لبنان) بإقليم البياض.
1
وهي خصيبة فيها كثير من الهوالك الحيوانية والمندثرات النباتية، وخاصتها أنها تصلح لغراس الزيتون والكروم ونحوهما. وأما تربة المدينة فخفيفة لكثرة انحدارها، إلا في المحلات الكثيرة الأشجار فإنها أصون لحفظ التربة، ولا سيما حيث تنبسط الأرض وتستوي طبقاتها، مثل البساتين ومرج عرجموش المعروف بالفيضة ونحو ذلك. فهناك تجد التربة حمراء والأرض تصلح للزرع والغرس فتثمر ثمرا طيبا. وفي المدينة ومشارفها آثار خزف وفخار كثيرة، تدل على أنها ربما اتخذت من تربتها، ولا أثر لهذه الصناعة فيها اليوم. ومن خواص هذه التربة أنها لزجة إذا مستها رطوبة؛ ولذلك تكثر الوحول في بعض الطرق التي لم تحصب ولم ترصف. ولقد لاحظ ذلك الأقدمون، فرصفوا أكثر الطرق والشوارع بالحصى المدملك الذي يكثر في مجرى النهر؛ فحبذا لو تنبه المفوض البلدي إلى ذلك في عهدنا.
أما صخورها ففيها انقلاب جيولوجي وتزحزح في طبقاتها وتشويش في تنضيدها، مما يدل على المؤثرات الطبيعية كالأمطار والرياح والمجاري المائية والزلازل والبراكين، التي غيرت ترتيبها وأحدثت هذا الانقلاب العجيب. وفي قمم الروابي والجبال المحدقة بالمدينة فوهات البراكين التي اشتعلت في أحد الأدوار وخمدت الآن، وهناك كثير من المصهورات البركانية، كالصوان والحمة (الحجارة السوداء) والألماس الكاذب «وتسميه العامة في لبنان ملح القاق»، أما في أعلى جبل صنين فطبقات الصخور على القمة أفقية الوضع وعلى المحيط تنكسر نحو المنحدر إلى الجهات الأربع.
ناپیژندل شوی مخ