مدینه فاضله عبر تاریخ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
ژانرونه
ويقول بلوتارك إن «هؤلاء الذين يقولون إن الرجل الحر في أسبرطة كان يتمتع بالحرية إلى أبعد حد، وإن العبد كان يخضع للعبودية إلى أقصى حد، يبدو أنهم أحسنوا تقدير الفوارق بين الحالتين.» ويمكننا أن نوافق بلوتارك على الجزء الثاني من عبارته، ولكننا نشك فيما إذا كان الرجال الذين يستبعدون غيرهم، ويتعرضون لهم متى شاءوا بالإهانة والتعذيب أو القتل، يستحقون أن يوصفوا بأنهم رجال أحرار.
وليس عجيبا بعد ذلك أن نسمع بأن هؤلاء «الرجال الأحرار» كانوا هم أنفسهم في واقع الأمر سجناء في بلدهم: «ولم يكن يسمح لمن يرغبون في رؤية بلاد أخرى بالسفر خارج الحدود، خشية أن يتعودوا على عادات أجنبية، أو يتعرفوا على أشكال للحياة أقل انضباطا، أو على شكل مختلف من أشكال الحكم. كذلك منع الغرباء من دخول أسبرطة، ما لم يحددوا سببا مقنعا لمجيئهم لا بسبب خوفه من أن يحاكوا دستور تلك المدينة، أو يدخلوا إصلاحات على فضائلها، كما يقول توكيديديس، ولكن خشية أن يعلموا شعبه بعض الرذائل والشرور ؛ ذلك لأن زيارات الأجانب تقترن بظهور موضوعات جديدة للمناقشة، وكل مناقشة جديدة تؤدي إلى آراء جديدة، ومن هذه الآراء تنشأ مشاعر ورغبات جديدة يمكنها، مثل النشاز في الموسيقى، أن تسبب الاضطراب للحكومة المستقرة؛ ولذلك اعتقد ليكورجوس أن حماية المدينة من العادات الفاسدة وأساليب السلوك السيئة أجدى عليها من منع انتشار الوباء فيها.»
ولا يدهشنا أن ليكورجوس كان «مفتونا بجمال وعظمة نظامه السياسي»، وأنه فرح بعمله «فرحة الإله عندما فرغ من خلق العالم». فالواقع أن المشرع يفتقد القدرة على نقد القوانين التي وضعها، بقدر ما يتوقع من الشعوب الأخرى أن تخضع لهذه القوانين. والأكثر من ذلك مدعاة للدهشة هو التأثير الذي تركته أسبرطة فيما يسمى بالفكر التقدمي. فالثوريون، وأنصار حقوق الإنسان، والمصلحون والشيوعيون من هارنجتون إلى مابلي، ومن كامبانيلا إلى مارا، ومن نابليون إلى ستالين، قد حاولوا استلهام هذا النموذج الذي يعد أكمل نموذج للدولة الشمولية. (3) أرسطوفانيس
قبل أن نترك بلاد الإغريق، ينبغي علينا أن نلقي نظرة على اليوتوبيات الهجائية الساخرة لأرسطوفانيس؛ لأن تأثيرها في الفكر اليوتوبي كان في الواقع تأثيرا ثانويا، إذا قيس بتأثير اليوتوبيات التي تعرضت لسخريتها.
وتعطينا مسرحيات أرسطوفانيس فكرة عن كيفية تلقي عامة الناس لأفكار الفلاسفة الكبار. ولا بد أن رد فعلهم عليها كان شديد الاختلاف عن رد فعل التلاميذ في المدارس الثانوية؛ لأن هؤلاء على استعداد دائم لمناقشة الأفكار الجديدة وقبولها، بحماس الشباب وبعده عن التحيز.
ومع أن أرسطوفانيس يقدم مرآة مشوهة للرأي العام في عصره، فإننا نحس بنبرة الأصالة التي تتردد في مسرحياته. فشخصياته تتحدث عن شيوعية أفلاطون، كما يتحدث معظم الناس في أيامنا عن البلشفية (أو عن الفوضوية). ويحتمل أن يكون غالبية الإغريق القدماء، شأنهم شأن أغلبية الناس في العصر الحديث، قد نفروا من الشيوعية كوضع اجتماعي «تكون فيه النساء للجميع»، و«لا يمارس أحد أي عمل» و«يحصل كل إنسان على ما يشتهي من الشراب والطعام حتى يسكر ويصاب بالتخمة». ويضحك أرسطوفانيس على هذه الأفكار ويهزأ منها، ولكنه يقدم أحيانا بعض الحجج لمصلحة الشيوعية أفضل مما فعل أفلاطون نفسه. إن براكساجورا التي تتزعم ثورة النساء في سبيل إلغاء الملكية وإقامة مملكة الوفرة والرخاء، تمثل دور الداعية بصورة أكثر إقناعا من سقراط. وها هي ذي تصف لزوجها، بليبيروس، كيف ستعمل على إيجاد هذا المجتمع السعيد الحر:
براكساجورا :
إن القاعدة التي أعتزم أن أسنها وأعلنها للناس،
هي أن يصبح الجميع متساوين ويقتسموا بالتساوي
كل الثروات والمتع، ولا يتحملوا بعد اليوم،
ناپیژندل شوی مخ