الوثنية المتطرفة:
قد بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس، فقد كان عدد الآلهة في "ويد" ثلاثة وثلاثين، وقد أصبحت في هذا القرن ٣٣٠ مليون. وقد أصبح كل شيء رائع وكل شيء جذاب وكل مرفق من مرافق الحياة إلهًا يعبد.. وهكذا جاوزت الأصنام والتماثيل والآلهة والإلاهات الحصر وأربت على العد، فمنها أشخاص تاريخية، وأبطال تمثل فيهم الله-زعموا- في عهود وحوادث معروفة، ومنها جبال تجلى عليها بعض آلهتهم، ومنها معادن كالذهب والفضة تجلى فيها إله، ومنها نهر الكنج الذي خرج من رأس "مهاديو" الإله، ومنها آلات الحرب وآلات الكتابة وآلات التناسل وحيوانات أعظمها البقرة والأجرام الفلكية وغير ذلك، وأصبحت الديانة نسيجًا من خرافات وأساطير وأناشيد وعقائد وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يستسغها العقل السليم في زمن من الأزمان.
وقد ارتقت صناعة نحت التماثيل في هذا العهد، وبلغت أوجها في القرن السادس والسابع، حتى فاق هذا العصر في ذلك العصور الماضية. وقد عكفت الطبقات كلها وعكف أهل البلاد من الملك إلى الصعلوك على عبادة الأصنام، حتى لم تجد الديانة البوذية والجينية
منها بدا، وتذرعت هاتان الديانتان بهذه الوسيلة للاحتفاظ بحياتهما وانتشارهما في البلاد. ويدل على ما وصلت إليه الوثنية والتماثيل في هذا العصر ما حكاه الرحالة الصيني الشهير " هوئن سوئنج " الذي قام برحلته بين عام ٦٣٠ وعام ٦٤٤ عن الاحتفال العظيم الذي أقامه الملك هرش الذي حكم الهند من عام ٦٠٦ إلى ٦٤٧: «وأقام الملك احتفالًا عظيمًا في قنوج اشترك فيه عدد كبير جدًا من علماء الديانات السائدة في الهند، وقد نصب الملك تمثالًا ذهبيًا لبوذة على منارة تعلو خمسين ذراعًا، وقد خرج بتمثال آخر لبوذة أصغر من التمثال الأول في موكب حافل قام بجنبه الملك " هرش " بمظلة وقام الملك الحليف " كامروب " يذب عنه الذباب (١» .
_________
(١) رحلة هوئن سوئنج «فوكوي كي» الدولة الغربية.
1 / 49