4 (8)
نجح الأمويون في تشويه سمعة الحسن من الوجهة السياسية، ولكنهم لم ينجحوا في تشويه سمعة الحسين؛ ولذلك رأينا الشعراء يبدئون ويعيدون في الثناء على هذا الشهيد، ورأينا منهم من يتمثل مصرعه في الأحلام. روى الثعالبي عن أحد معاصريه قال: أخبرني علي بن بشر أنه كان له جد لأم يعرف بكولان، وكان هو من أهل الأدب والكتابة، وحسن الشعر والخطابة، قال لي: حججت سنة من السنين، وجاورت بمكة حرسها الله، فاعتللت علة تطاولت بي، وضاق معها خلقي، ثم صلحت منها بعض الصلاح، ففكرت في أني عملت في أهل البيت تسعا وأربعين قصيدة مدحا، فقلت: أكملها خمسين، ثم ابتدأت فقلت:
بني أحمد يا بني أحمد
ثم أرتج علي فلم أقدر على زيادة، فعظم ذلك علي، واجتهدت في أن أكمل البيت فلم أقدر، فحدث لي من الغم بهذه الحالة ما زاد على غمي بإضاقتي وعلتي، فنمت اهتماما بالحال، فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم ، فجئت إليه، فشكوت ما أنا فيه من الإضاقة، وما أجده من العلة، وأخرى من القلة، فقال لي: تصدق يوسع الله عليك، وصم يصح جسمك. فقلت له: يا رسول الله، وأعظم مما شكوته إليك أنني رجل شاعر أتشيع، وأخص بالمحبة ولدك الحسين، وتداخلني له رحمة لما جرى عليه من القتل، وكنت قد عملت في أهل بيتك تسعا وأربعين قصيدة، فلما خلوت بنفسي في هذا الموضع حاولت أن أكملها خمسين، فبدأت قصيدة قلت فيها مصراعا وأرتج علي إجازته، ونفر عني كل ما كنت أعرفه، فما أقدر على قول حرف. قال: فقال لي قولا نحا فيه إلى أنه ليس هذا إلي، لقول الله تعالى:
وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، ثم قال لي: اذهب إلى صاحبك. وأومأ بيده الشريفة إلى ناحية من نواحي المسجد، وأمر رسولا أن يمضي بي إلى حيث أومأ، فمضى بي الرسول إلى ناس معهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال له الرسول: أخوك وجه إليك بهذا الرجل فاسمع ما يقوله. قال: فسلمت عليه، وقصصت عليه قصتي كما قصصت على النبي
صلى الله عليه وسلم ، فقال لي: فما المصراع؟ فقلت: «بني أحمد يا بني أحمد» فقال للوقت قل:
بكت لكمو عمد المسجد
بيثرب واهتز قبر النبي
أبي القاسم السيد الأصيد
ناپیژندل شوی مخ