258

مدایح نبوي

المدائح النبوية في الأدب العربي

ژانرونه

الفصل العاشر

أثر البردة في اللغة العربية

أثرها في الجماهير الشعبية - أثرها في التأليف - أثرها في الدرس - عناية الشعراء بتضمينها، وتشطيرها، وتخميسها، ومعارضتها - ابتكار ابن جابر لفن البديعيات - فضل البردة في نشأة البديعيات ونشر الثقافة الأدبية. ***

يمكن رجع أثر البردة في اللغة العربية إلى خمس نواح: أثرها في الجماهير الشعبية، وأثرها في التأليف، وأثرها في الدرس، وأثرها في الأشعار، وأثرها في البديعيات. (1)

أما أثرها في الجماهير الشعبية فواضح جدا، ونستطيع الجزم بأن الجماهير في مختلف الأقطار الإسلامية لم تحفظ قصيدة مطولة كما حفظت البردة، فقد كانت ولا تزال من الأوراد: تقرأ في الصباح، وتقرأ في المساء، وكنت أرى لها مجلسا يعقد في ضريح الحسين بعد صلاة الفجر من كل يوم جمعة، وكان لذلك المجلس رهبة تأخذ بمجامع القلوب، والذي يزور ساحة المولد النبوي بالقاهرة يرى المئات يرتلونها في هيبة وخشوع، وكثير من الناس كانوا يجمعون الأطفال لقراءتها في الجنازات، ومن كتبة الأحجبة والتمائم من يعرف لكل بيت فائدة: فهذا البيت يشفي من الصرع، وذاك ينفع في حفظ المزارع والمنازل من التلف والحريق، وذلك يفيد في الجمع بين النافرين من الأحباب، إلى آخر ما ابتدعوا لها من الفوائد الحسية والمعنوية.

ومن أدلة هذا الذيوع ما نراه من تعدد الطبعات، فقد طبعت في فيينا والأستانة، ومكة، وبمباي، وطبعت في القاهرة نحو خمسين مرة، وأكثر الطبعات كتبت بخط جميل، وحفظت في رواسم ليطبع منها عند الطلب، وهي تطلب بالألوف، وفي دار الكتب المصرية نسخ من البردة حليت كتابتها بالذهب، على نحو ما يصنع المفتنون بنسخ المصحف الشريف.

والبوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابا من السيرة النبوية، وعن البردة تلقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال، وكذلك استطاع البوصيري بتصوفه أن يؤثر في الأدب والأخلاق تأثيرا لا يدرك كنهه إلا من رأى كيف تدور البردة على ألسنة العوام، وكيف تهذب ما انطبعوا عليه من عنجهية الخصال، وليس من القليل أن تنفذ هذه القصيدة بسحرها الأخاذ إلى مختلف الأقطار الإسلامية، وأن يكون الحرص على تلاوتها وحفظها من وسائل التقرب إلى الله والرسول. (2)

وأما أثرها في التأليف فيظهر فيما وضع لها من الشروح، فقد شرحها ابن الصائغ المتوفى سنة 776ه، وشرحها علي بن محمد القلصاي - بفتحات - المتوفى سنة 891ه،

1

وشرحها شهاب الدين بن العماد المتوفى سنة 808ه، وشرحها الشيخ خالد الأزهري المتوفى سنة 905ه، وشرحها علاء الدين البسطامي المتوفى سنة 875ه، وشرحها يوسف بن أبي اللطف القدسي المتوفى بعد الألف للهجرة، وشرحها يوسف البسطامي من علماء القرن التاسع، وشرحها ملا علي المتوفى سنة 1014ه، وشرحها شيخ زاده محيي الدين، ولم نعرف تاريخ وفاته، ولكن أقدم نسخة من شرحه يرجع تاريخها إلى سنة 949ه، وشرحها جلال الدين المحلي المتوفى سنة 864ه، وشرحها محمد بن أحمد المرزوقي المتوفى سنة 881ه، وشرحها عبد الحق بن عبد الفتاح من علماء القرن الثاني عشر، وشرحها محمد المصري من علماء القرن الحادي عشر، وشرحها ملا محمد من علماء القرن الحادي عشر، وشرحها زكريا الأنصاري المتوفى سنة 926ه، وشرحها عمر الخربوتي من علماء القرن الثالث عشر، وشرحها القسطلاني المتوفى سنة 923ه وهو شارح البخاري، وشرحها محمد بن مصطفى المدرني من علماء القرن الثاني عشر، وشرحها محمد عثمان الميرغني من علماء القرن الثالث عشر، وشرحها الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المتوفى سنة 1303ه، وشرحها الباجوري المتوفى سنة 1276ه.

ناپیژندل شوی مخ