237

مدایح نبوي

المدائح النبوية في الأدب العربي

ژانرونه

صلى الله عليه وسلم ، فمسح وجهي بيده المباركة، وألقى علي بردة، فانتبهت ووجدت في نهضة، فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحدا، فلقيني بعض الفقراء فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، فقلت: أيها؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك وذكر أولها، وقال: والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، ورأيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم

يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكر الفقير ذلك، وشاع المنام.»

وفي هذه القطعة دلالة على عقلية البوصيري؛ فهو رجل فيه طيبة وسذاجة كأكثر الصوفية، فليس من المعقول أن يبرأ مريض من مرضه لآية يتلوها أو قصيدة ينشدها كما برئ البوصيري بقصيدته، ولو مرض مفتي الديار المصرية - لا سمح الله - ما استغنى بالبردة عن الطبيب،

2

ولعل حكاية البوصيري هذه هي سبب ما سار بجانب البردة من الخرافات، فقد ذكر بعض الشراح لكل بيت من أبياتها فائدة: فبعضها أمان من الفقر، وبعضها أمان من الطاعون! وهذا النوع من الغفلة قديم، فقد كان الزمخشري يذكر شيئا من مثل هذا عن سور القرآن. ونلاحظ كذلك أن البوصيري كرر عبارة «

صلى الله عليه وسلم » خمس مرات في هذه الفقرة الصغيرة، وتكرار الصلاة على النبي كلما ذكر اسمه من وساوس المتأخرين، وقد زاد البوصيري على ذلك في القصيدة المضرية، فهو يدعو الله أن يصلي على النبي وشيعته وصحبه عدد الحصى والثرى والمدر، وعدد نجم السماء، ونبات الأرض، وعدد وزن مثاقيل الجبال، وقطر جميع الماء والمطر، وما حوت الأشجار من ورق، وعدد الجن والإنس والأملاك، وعدد الذر، والنمل، والحبوب، والشعر، والصوف، والريش، والوبر، وعدد ما أحاط به العلم المحيط، وما جرى به القلم والقدر، وعدد نعم الله على الخلائق مذ كانوا، ومذ حشروا، وعدد ما كان في الأكوان، وما يكون إلى يوم البعث، وتكون هذه الصلاة بهذا التحديد:

في كل طرفة عين يطرفون بها

ناپیژندل شوی مخ