بك فيه لوجه ربي اقتدائي
ثم خفتت الأصوات وتطلعت الأعناق، فدوت المدافع من القلعة. فإذا هي تحيات يزفها محمد علي الكبير من مرقده العالي لابنه الأمير بالنيابة عن أبنائه المصريين.
هنا اضطرت إنكلترا أن تغير سياستها التي سارت عليها بمصر من سنة 1880 إلى هذا التاريخ المتقدم ذكره، وكانت تلك السياسة قائمة على تأييد المقام الخديوي وحفظ القطر المصري من أن تمد إليه يد الطامع، وأن تصلح شئون مصر ويزداد عمرانها. وقد رأت من ود الخديوي المرحوم توفيق باشا وصدق ولائه ما ذلل لها الصعاب، فاشتركت معه واستعانت به على القيام بجلائل الأعمال. وبات العرابي ومن خدعهم في سيلان يتحسرون على مصر، ولسان حالهم يقول:
فهيهات هيهات العقيق ومن به
وهيهات خل بالعقيق نواصله
فأما السياسة البريطانية الجديدة فلم تزد في تغيرها على زيادة الانتباه لسياسة عابدين الجديدة. هنالك شرخ الشباب وخطر المقام وقلة التجربة وكثرة المطامع استدعت ذلك الانتباه ، حتى قال طيب الذكر اللورد «سالسبري» في 10 فبراير سنة 1892: «إن الحكومة الإنكليزية لا تدع مصر فتتسلط عليها دولة أخرى أو تقوم فيها الفتنة.»
ولقد قال «أرل ددلي» في خطبة خطبها في 9 فبراير سنة 1892 بعد خطبة العادلة الفاضلة الشهيرة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى: «أنا على ثقة أن سمو الأمير الجديد سيكون كفؤا للقيام بأعباء ملكه على توالي الأيام.»
على أن المعية المصرية أخذت تتهيأ لسياسة جديدة بما تدرجت فيه من التغيير الجديد قبل ذلك بأيام.
ففي 25 يناير سنة 1892 عزل المرحوم خليل بك ثابت التشريفاتي الثاني بالمعية، وموسى بك عصمت معاون التشريفات. وفي 27 يناير سنة 1892 صدر أمر عال بقبول استعفاء ثابت باشا وذي الفقار باشا. وقبل ذلك؛ أي في 11 يناير، أحيل على المعاش أحمد باشا الياور الخديوي الأول، وعين بدلا منه عبد الله باشا فوزي، وأحيل على المعاش أيضا علي بك ثابت قوماندان المراسلة الخديوية، وعين مكانه محمد بك توفيق (هو محمد باشا توفيق الذي توفي بعد أن نال رتبة الفريق). وفي 5 فبراير من السنة عينها أحيل على المعاش علي بك حافظ رئيس قلم الترجمة، وعين مكانه أحمد بك شفيق (هو الآن أحمد باشا شفيق).
ثم حلت النقمة بسبعة من عملة التلغراف بالمعية، فصدرت الإرادة بفصلهم جميعا من أعمالهم، وعينت إدارة السكة الحديد في القاهرة سبعة غيرهم، وذلك في 8 يونيو سنة 1892.
ناپیژندل شوی مخ