معدن الجواهر
أبو الفتح الكراجكي
---معدن الجواهر ¶ أبو الفتح الكراجكي ¶ ---
معدن الجواهر ورياضة الخواطر
--- [ 5 ]
مخ ۳
معدن الجواهر ورياضة الخواطر
تأليف أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي
تحقيق السيد أحمد الحسيني
--- [ 6 ]
مخ ۵
الطبعة الثانية مطبعة مهر استوار - قم 1394 ه
--- [ 7 ]
مخ ۶
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
--- [ 9 ]
مخ ۷
تقديم (1) (الحكمة ضالة المؤمن) يأخذها متى وجدها ويتلقاها من الافواه، ويجعلها مرآة صافية يرى فيها عيوبه ونواقصه، ذلك لانه دائم الجهاد في تهذيب النفس والتحلي بالكلمات والتخلي عما يشينه، لا يدع فرصة لاضافة حسنة إلى محاسنه والازدياد في مكارمه الاخلاقية إلا واقتنصها. هكذا شأن المؤمن الذي قياده بيد عقله وقد سيطر على نفسه، فانه يسير في طريقه اللاحب بنور العقل مبتعدا عن الزلات ومجانبا مهاوي الشهوات، وهو يستفيد من تجاربه ويستضئ بما أثر عن العظماء الماضين الذين خلفوا بعدهم هذه الكثرة الكاثرة من الحكم المنثورة والطرائف المنظومة والعلم المأثور. إن هذه الازهار المبهجة والرياحين العطرة والورود الفواحة المنضدة في بساتين الكتب والاسفار لمما تفتح للانسانية آفاقا من الخير والصلاح لو أدمن الناس على قراءتها وحافظوا على العمل بها وطبقوها على أفعالهم وأقوالهم، وخاصة تلك التي أثرت عن النبي العظيم والائمة الهداة عليهم الصلاة والسلام، الذينهم مصابيح الظلام ومرشدو البشر إلى ما فيه خير الدنيا وسعادة الاخرة. (2) ولقد أقبل علماء الاسلام على ما روي عن النبي والائمة عليهم السلام، وما أثر عن الفلاسفة والمفكرين من المسلمين وغير المسلمين اقبالا عظيما، فجمعوا تلك الكلم والحكم في كتبهم ومؤلفاتهم بشتى الالوان والاشكال حسب أغراضهم وأذواقهم.
--- [ 10 ]
مخ ۹
وكان من بين تلك الالوان جمع الحكم في أبواب متسلسلة بتسلسل الاعداد، ففي الباب الاول ما كان واحدا وفي الباب الثاني ما كان اثنين وفي الباب الثالث ما كان ثلاثة... وهكذا. ومن تلك المحاولات العلمية الطريفة هذا الكتاب الذي نقدمه إلى القراء الاعزاء، ففيه عشرة أبواب تجمع طائفة من قصار كلمات النبي والائمة عليهم السلام وبعض ما نقل عن جماعة من الاعلام المسلمين وغير المسلمين. والطريقة التي سار عليها المؤلف هي أنه يذكر أولا شيئا مما أثر عن النبي الكريم صلى الله عليه وآله، ثم بعض حكم الائمة عليهم السلام، ثم طائفة مما جاء عن أعلام المسلمين، ثم طرائف مما نقل عن بعض الفلاسفة الماضين. وهذا الكتاب مع صغره يجمع مقدارا لا بأس به من الاحاديث والكلمات ذلك لانه حذف الاسانيد ولم يعقب الحكم بتعاليق من المؤلف، وكأنه قصد أن يجمع العدد الكبير من الاقوال في أقل حجم أمكن. وهو بحق طرفة أدبية جليلة، ومصدر عظيم لموضوعات أخلاقية قيمة، يخرج الى عالم الطبع بهذه الصورة التي يراها القارئ الكريم، والتي لم نتمكن من اكمالها في كل جوانبها، وذلك لعدم العثور على نسخ متعددة كما هو المتبع في أمثال هذه الاعمال العلمية الفنية. (3) ومؤلفنا هو (1): الشيخ الفقيه القاضي أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي،
---
(1) المصادر التي استقينا منها هذه الترجمة هي: أ- أمل الامل 2 / 287. ب - روضات الجنات ص 552. ج - الاعلام للزركلي 7 / 162. د - رجال بحر العلوم 3 / 302 - 308.
--- [ 11 ]
مخ ۱۰
من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلمين، رأس الشيعة، صاحب التصانيف الجليلة، كان نحويا لغويا منجما طبيبا متكلما فقيها محدثا، أسند إليه جميع أرباب الاجازات، من تلامذة الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي، روى عنهم وعن آخرين من أعلام الشيعة والسنة، وروى عنه وقرأ عليه جماعة من علماء عصره. كان نزيل الرملة، وأخذ عن بعض المشائخ في حلب والقاهرة ومكة وبغداد وغيرها من البلدان، وتوفي بصور، ثاني ربيع الاخر سنة أربعمائة وتسع وأربعين هجرة. وكتابه كنز الفوائد - كما يقول السيد بحر العلوم في رجاله - يدل على فضله، وبلوغه الغاية القصوى في التحقيق والتدقيق والاطلاع على المذاهب والاخبار، مع حسن الطريقة وعذوبة الالفاظ. له مؤلفات كثيرة بلغت السبعين حسب عد بعض معاصريه، ومنها (كنز الفوائد) و(الاستطراف في ذكر ما ورد من الفقه في الانصاف) و(الاستنصار في النص على الائمة الاطهار) و(الاعلام بحقيقة ايمان أمير المؤمنين وأولاده الكرام) و(البرهان على صحة طول عمر صاحب الزمان) و(البيان عن جمل اعتقاد أهل الايمان) و---
ه - لؤلؤة البحرين ص 337. و- مرآة الجنان 3 / 70. ز - لسان الميزان 5 / 300. ح - بحار الانوار 1 / 18 و35. ط - ريحانة الادب 3 / 352. ى - شذرات الذهب 3 / 283. ك - مصفى المقال ص 375. ل - هدية العارفين 2 / 70. م - معالم العلماء ص 119. ن - مستدرك وسائل الشيعة 3 / 497 س - الذريعة 1 / 57 و2 / 16، 27، 34، 237 و3 / 92، 171 و4 / 210، 216، 359، 429، 11 / 298 و16 / 393 و17 / 214 و18 / 161. ع - الكنى والالقاب 3 / 108. ف - الفوائد الرضوية ص 571.
--- [ 12 ]
مخ ۱۱
(التعريف بحقوق الوالدلين) و(التعجب من أغلاط العامة في مسألة الامامة) و(تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام) و(تهذيب المسترشدين) و(شرح جمل العلم للمرتضى) و(الكر والفر في الامامة) و(معارضة الاضداد باتفاق الاعداد) و(معدن الجواهر ورياضة الخواطر) و(معونة الفارض في استخراج سهام الفرائض) و(المنهاج في معرفة مناسك الحاج) و(النوادر) و(وجوب الامامة). و(الكراجكي) بفتح الكاف واهمال الراء وكسر الجيم، نسبة إلى (الكراجك) عمل الخيم، ولهذا وصفه بعض مترجميه بالخيمي، وضبطه بعضهم بضم الجيم نسبة إلى (الكراجك) قرية على باب واسط ذكرها ياقوت في معجم البلدان 4 / 443، ولكن هذا ليس بصحيح. (4) أما النسخة التي حققنا عليها هذا الكتاب فهي النسخة الوحيدة التي عثرنا عليها في مجموعة عند الاخ العلامة الحجة سيدنا السيد محمود المرعشي النجفي، وإليك وصفها: هذه المجموعة تحتوي على الرسائل التالية: 1 - النكت الاعتقادية للشيخ المفيد. 2 - شرح واجب الاعتقاد لعبد الواحد بن الصفي النعماني. 3 - وصية النبي صلى الله عليه وآله لابي ذر الغفاري. 4 - وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام. 5 - النفلية للشهيد الاول محمد بن مكي العاملي. 6 - معدن الجواهر ورياضة الخواطر للكراجكي. 7 - قصة الحولا مع زوجها ووصية النبي لها. 8 - أحاديث متفرقة من كتاب ليس له أول ولا آخر. 9 - منظومة ملحة الاعراب للحريري. كتب هذه المجموعة علي بن حسين بن علي بن حسين بن الصائم الحسيني العنقاني، برسم المولى السعيد الحاج زين الدين بن مفلح بن الحاج شهاب الدين
--- [ 13 ]
مخ ۱۲
أحمد بن الركن الماروني، في نهار السبت مستهل جمادي الاخرة سنة 902، (كما جاء في آخر كتاب شرح واجب الاعتقاد). وفي هوامش أوراق بعض كتب المجموعة بلاغات، وخلالها تملكات بخطوط مختلفة وتواريخ متفرقة، كما يوجد في الصفحة الاخيرة من كتاب النفلية انهاء كتبه الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي بتاريخ يوم الاحد تاسع عشر ربيع الاخر سنة 950، وكتب إلى جنبه الشيخ عباس القمي تصديقا بأنه خط الشهيد الثاني، وذلك بتاريخ 1344 ه. والنسخة بالرغم من أهميتها التاريخية كثيرة السقط والخطأ والتحريف كما يظهر لمن يقرأ هذا المطبوع، وهي مع كونها بخط نسخ واضح تهمل كثيرا من نقاط الكلمات ولا تتبع قواعد الاملاء الصحيح، ولهذا لاقينا بعض الصعوبة في قراءة جملة من الكلمات وربما لم نوفق إلى قراءتها بصورة صحيحة. ولولا عدم عثورنا على نسخة أخرى لما أمكن الاعتماد عليها، ولكننا اضطررنا الى جعلها أصلا والرجوع إلى الكتب الحديثية وتصحيح ما أمكن التصحيح عليها أو ترجيح ما ظننا أنه الارجح، ولعلنا نعثر في المستقبل على نسخة ممتازة فتخرج الكتاب في طبعة جيدة أخرى. (5) وختاما أقدم شكري وتقديري إلى الاخ العلامة الحجة السيد محمود المرعشي نجل سماحة آية الله سيدنا المفدى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظله الوارف على رؤوس المسلمين. اشكره على ما تفضل به علي من اعارة نسخته الثمينة، شأنه دائما في تيسير ما يحتاج إليه رواد العلم والتحقيق... فإليه والى كل من آزرني أقدم شكري وتحياتي. قم 12 شعبان 1392 ه. السيد أحمد الحسيني.
--- [ 14 ]
مخ ۱۳
الصفحة الاخيرة من كتاب (النفلية) وفيها خط الشهيد الثاني والمحدث القمي
--- [ 15 ]
مخ ۱۴
الصفحة الاولى من كتاب (معدن الجواهر)
--- [ 16 ]
مخ ۱۵
الصفحة الاخيرة من كتاب (معدن الجواهر)
--- [ 17 ]
مخ ۱۶
كتاب معدن الجواهر ورياضة الخواطر تصنيف الشيخ الفاضل أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي قدس الله روحه ونور ضريحه بمحمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما كثيرا آمين رب العالمين
--- [ 19 ]
مخ ۱۷
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد ولى الكرم ومولى النعم وفاتق الاذهان لاظهار الحكم ومطلق الالسن بانواع الكلم وصلواته على المبعوث رحمة للامم وكاشفا للظلم سيدنا محمد رسول الله افضل العرب والعجم وخير من ارشد واعلم وعلى آله الطاهرين وسلم. هذا كتاب جمعت فيه من جواهر الالفاظ ودررها وعيون المعاني وغررها، ما فيه نفع لمن انتفع وعلم لمن وعى وجمع جعلته فصولا مبوبة في عشرة اقسام مرتبة على ترتيب توالى الاحاد ونظم تأليف الاعداد وقد سلك غيرى هذا النمط فاختصر وفي هذا الكتاب زيادة ما ذكر وعلى كل باذل استطاعته والعلم لا يدرك غايته
--- [ 21 ]
مخ ۱۹
* (باب ما جاء في واحد) * قال سيدنا الله صلى الله عليه وآله ايها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد لا فضل لعربى على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لاحمر على اسود (1) ولا لاسود على احمر إلا بالتقوى قال الله ان اكرمكم عند الله اتقاكم (2). وقال صلى الله عليه وآله: خصلة من لزمها اطاعته الدنيا والاخرة وربح الفوز بقرب الله تعالى في دار السلام. قيل: وما هي رسول الله قال التقوى. قال: من اراد ان يكون أعز فليتق الله ثم تلا ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب (3). وقال صلى الله عليه وآله: فقيه واحد الاسلام اشد على الشيطان (4) من الف عابد. وقال صلى الله عليه وآله الكلمة الواحدة من الحكمة يسمعها الرجل فيقولها أو يعمل بها خير من عبادة سنة. وقال صلى الله عليه وآله: خلة من ضمنها لي ضمنت له على الله عزوجل الخيره جميع اموره. قيل: وما هي يا رسول الله قال ؟: الرضا فانه ما يرضى رجل (5) بقضاء الله إلا جعل الله له الخيرة. وقال صلى الله عليه وآله خلة من كانت فيه ادرك منزله الصائم القائم المجاهد في سبيل الله قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال: حسن الخلق. وقال صلى الله عليه وآله لا يجزى ولد والده إلا بشئ واحد وهو ان يجده مملوكا فيشتريه ويعتقه. وقال رجل له صلى الله عليه وآله علمني يا الله خصلة تجمع لي خير
---
(1) ليس في الاصل وصحح في الهامش، وانظر الدر المنثور 6 / 97. (2) سورة الحجرات: 13. (3) سورة الطلاق: 3. (4) ابليس خ ل. (5) أحد خ ل.
--- [ 22 ]
مخ ۲۱
الدنيا والاخره قال: لا تكذب قال الرجل: فكنت خلال يكرهها الله تعالى فتركتها خوفا من ان يسالنى سائل هل عملت كذا فافتضح أو اكذب فاكون قد خالفت رسول الله فيما دلنى عليه. وجاء عن أمير على عليه السلام انه قال: خصله من عمل بها كان من اقوى الناس قيل: وما هي يا أمير قوله المؤمنين قال: التوكل الله عز وجل. وقال عليه السلام افضل العبادة واحد وهو العفاف. وقال رجل لاحد الائمة عليهم السلام: يا بن رسول الله علمني ما يجمع لي خير الدنيا والاخره ولا تطل على. قال عليك بشئ واحد وترك الغضب. وروى عنهم عليهم السلام: ان اصل خير في الدنيا (1) شئ واحد وهو الخوف من الله عزوجل. وقيل لبعضهم: ما اعجب الاشياء قال: شئ واحد وهو قلب عرف الله ثم عصاه. وقال بعض العلماء: اشقى الناس رجل واحد وهو من كفى أمر دنياه ولم ويهتم بدينه. وقال اغنى الناس رجل واحد وهو من عين نصيبه من الله عز وجل. وقيل لبعضهم: من اعظم الناس قدرا ؟ قال: رجل واحد وهو من يجعل الدنيا لنفسه خطرا. وقيل: هو الذي لا يبالى بالدنيا في يد من كانت واجود الناس رجل واحد وهو من جاد من قلة واخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله افضل الصدقة جهد المقل. واسوء الناس حالا رجل واحد وهو من لا يثق باحد لسوء ظنه ولا يثق به أحد لسوء نظره وأصبر الناس رجل واحد وهو الذي لا يفشى سره الى صديقه مخافه يقع بينهما فيفشيه. واعجز الناس رجل واحد وهو المفرط في طلب الاخوان. واعز الاشياء شئ واحد وهو اخ يوثق بعقله ويسكن الى غيبه. وقال أحد الفضلاء: احب الاشياء الي شئ واحد وهو الافضال على الاخوان. وقيل لاخر: أي الاشياء به اشد فرحا. فقال شئ واحد وهو قوتي
---
(1) والاخرة خ ل.
--- [ 23 ]
مخ ۲۲
على مكافاه من احسن الى. وقيل له: ما أفضل الاعمال ؟ قال: شئ واحد وهو ادخال السرور على قلب مؤمن. وسئل حكيم عن البخل والجبن والحرص ؟ فقال: الجميع طبيعة واحدة ويجمعهن شئ واحد وهو سوء الظن. وقيل: ما اضر بالانسان من شئ واحد وهو لجاجته في الباطل وشئ أقعد به عن مكرمة من شئ واحد وهو صغر همته. وقال بعض الحكماء: امتحنت خصال الناس فوجدت اشرفها خصلة واحدة وهي صدق اللسان فمن عدم الصدق من منطقه فقد فجع باكرم اخلاقه. واقبح القبائح شئ واحد وهو الكذب. وابتداء منازل الحمد شئ واحد وهو السلامة من الذم. واعظم ما على الانسان من الضرر شئ واحد وهو قلة علمه بعيوبه. وقيل لحكيم: ما أجل ما افادك الدهر ؟ فقال شئ واحد وهو العلم. وقال أبو ذر جمهر: قد يغرس الحكيم جزءا واحدا من الحكمة يعيش بها ملوك كثيرة. وقيل: أي الخصوم الد ؟ فقال: خصم واحد وهو العمل السئ. قيل: فما الاشياء ؟ قال شئ واحد وهو ثمرة العمل الصالح. وقيل لبعض الزهاد: دلنا على عظه واحدة تكون ابلغ العظات. فقال: النظر محلة الاموات. وقال له رجل: اوصني. فقال: اوصيك بشئ واحد ان الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. وقيل: إنما لك من عمرك يوم واحد لأن امسك قد خلا وغدك لم يات فإن صبرت ليومك حمدت امرك وقويت على غدك وان عجزت عن يومك ذممت امرك وضعفت عن غدك. وقال بعضهم: إنما بيني وبين الملوك واحد أما امس فلا يجدون لذته
--- [ 24 ]
مخ ۲۳
ولا اجد شدته وانى واياهم من غد على وجل وانما هو اليوم وما عسى ان يكون اليوم. وقال: إنما ينتفع المرء عمره بالساعة التي هو فيها مع سرعة تقضيها فما اخيب امرى باع الخلود في النعيم بساعة وشيكة التصرم عائدة باعظم الندم. واوصى حكيم ولده فقال: يا بني احذر خصلة واحدة تسلم واتبع خصلة واحدة تغنم: لا تدخل مداخل السوء تتهم واشكر تدم لك النعم. واعلم ان العز في خصلة واحده وطاعة الله والذل في خصلة واحدة وهي معصية الله والغنا في خصلة واحدة وهو الرضا بقسم الله والفقر في خصلة واحدة وهي استقلال نعم الله. والناس يا بني يتفاضلون بشئ واحد وهو العقل ويتميزون بشئ واحد وهو العلم ويفوزون بشئ واحد وهو العمل ويسودون بشئ واحد وهو الحلم. فعليك يا في دينك بشئ واحد وهو الازدياد وفي دنياك بشئ واحد وهو الاقتصاد. وقال حكيم آخر لتلميذة: اعلم أنه ليس أنصح لك من صديق واحد وهو عقلك ولا اغش عدو واحد وهو جهلك ولا اصدق من وافد واحد واجلك ولا اكذب من موعد واحد وهو املك. فاحفظ دينك ودنياك بخصلة واحدة وهي العفاف واغلب طارق النوائب بشئ واحد وهو حسن الصبر وارح قلبك بشئ واحد وهو وترك الحسد وتزين بين الناس بشئ واحد وهو الكرم وتودد إليهم بشئ واحد وهو حسن الخلق واعلم أن أعلى منازل أهل الايمان درجة واحدة فمن بلغ إليها فقد فاز وظفر وهو أن تنتهى سريرته في الصلاح الى لا يبالى بها إذا ظهرت ويخاف عقباها إذا استترت
--- [ 25 ]
مخ ۲۴
* (باب ذكر ما جاء في اثنين) * سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله: العلماء رجلان رجل اخذ بعلمه فهو ناج ورجل تارك لعلمه فهو هالك. وقال صلى الله عليه وآله: العلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فذاك حجة الله على العباد. والعلم علمان علم الابدان وعلم الاديان. وقال صلى الله عليه وآله: لاخير في العيش لرجلين: عالم مطاع ومستمع واع (1). وقيل منهو منهومان يشبعان: طالب علم وطالب دنيا. وقال صلى الله عليه وآله: يهرم ابن آدم ويشب فيه اثنتان: الحرص وطول الامل. واخذ حجرين فالقى بين يديه حجرا وقال: هذا امل آدم والقى خلفه حجرا وقال: هذا اجله فهو يرى امله ويرى اجله. وقال صلى الله عليه وآله: الا اخبركم باشقى الاشقياء ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من اجتمع عليه شيئان: فقر الدنيا وعذاب الاخرة. وقال صلى الله عليه وآله خصلتان فوقهما من الخير شئ: الايمان بالله والنفع لعباد وخصلتان ليس فوقهما من الشر شئ الاشراك بالله والضرر لعباد الله. وقال صلى الله عليه وآله: الناس اثنان فواحد استراح وآخر اراح فاما الذي استراح فعبد اطاع في حياته ثم مات فافضى الى رحمة الله ونعيم مقيم وأما الذي اراح فعبد عصى الله في حياته ثم مات فافضى عقاب وعذاب وهوان اليم ولا يستوى من افضى رحمة الله ومن افضى الى غضب الله. وقال صلى الله عليه وآله: المؤمن بين مخافتين: بين اجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه واجل قد بقى لا يدرى ما الله قاض فيه. وقال صلى الله عليه وآله: لابي ذر الا ادلك على خصلتين هما اخف على الظهر واثقل في الميزان ؟ فقال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بحسن الخلق وطول
---
(1) كذا في الاصل، وفي الخصال ص 41 (أو مستمع). (2) المفهوم بالشئ: المولع به، وفي أصل اللغة هو الذي لا يشبع من الطعام.
--- [ 26 ]
مخ ۲۵
الصمت فو الذي نفس محمد بيده ما عملت الخلائق بمثلهما وخصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق. وقال للاسبح العبدي: ان فيك خصلتين يحبهما ورسوله: الحلم والحياء. وقال صلى الله عليه وآله: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم يكونا لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا: من نظر في دينه من فوقه فاقتدى به ونظر في دنياه الى من دونه فحمد الله على ما فضله عليه به. وقال صلى الله عليه وآله من كف عن شيئين وقاة الله شيئين: من كف لسانه عن اعراض المسلمين وقاه الله عثرته ومن كف غضبه وقاة عذابه. وقال: اتقوا الله في الضعيفين: المراه واليتيم. وقال صلى الله عليه وآله نعمتان مغبون فيهما كثير الناس: الصحة والفراغ وسئل عن اكثر يدخل في النار ؟ فقال الاجوفان البطن والفرج. قال أمير المؤمنين عليه السلام الناس في الدنيا رجلان: رجل ابتاع نفسه فاعتقها ورجل باع نفسه فاوثقها. وقال عليه السلام افضل العبادة شيئان: الصبر وانتظار الفرج. وقال عليه السلام: قصم ظهرى رجلان: عالم متهتك وجاهل متنسك هذا يضل (1) الناس عن علمه بتهتكه ويدعوهم الى جهله بتنسكه. وقال عليه السلام: اشد بلاء واعظمهم عناء من بلى بشيئين: بلسان مطلق وقلب مطبق فهو لا يحمد ان سكت ولا يحسن ان نطق. وقال عليه السلام: لن يعدم الاحمق خلتين: كثره الالتفات وسرعة الجواب يعنى سرعته (2) بغير عرفان. وقال عليه السلام: يهلك رجلان: محب غال ومبغض قال (3).
---
(1) يصد خ ل. (2) تسرعه خ ل. (3) الغالي: المتصلب في الدين حتى يتجاوز الحد والمقدار، وأصل اللغو الارتفاع ومجاوزة القدر في كل شئ. والقالي: المبغض.
--- [ 27 ]
مخ ۲۶