فأما قِرَاءَةُ (فيهْ هُدى) بإدغام الهاءَ في الهاء فهو ثقيل في اللفظ، وهو
جائز في القياس لأن الحرفين من جنس واحد إلا أنه يثقل في اللفظ لأن
حروف الحلق ليست بأصل في الإدغام والحرفان من كلمتين، وحكى
الأخفش أنها قِراءَة (١).
وموضع (هدَى) نصب، ومعتاه. بيان ونصبه من وجهين أحدُهُما أنْ
يكون مَنْصُوبًا على الحال من قولك: القرآن ذلك الكتاب هدى ويجوز أن
يكون انتصب بقولك: (لا ريْبَ فيه) في حال هدايته فيكون حالًا من قولك
لا شك فيه هاديًا، ويجوز أن يكون موضعُه رفعًا من جهات:
إحْدَاهَا أن يكون خبرًا بعد خبرٍ كأنه قال: هذا ذلك الكتاب هدى، أي قَد جمع أنه الكتاب الذي وُعدوا به وأنه هدًى كما تقول: هذا حُلو حامض، تُرِيدُ أنه قد جَمع الطعْمَين ويجوز أن يكلون رفعه على إضمار هو.
كأنه لما تمَ الكلام فقيل: (الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ)
قيل: هو هدى.
ويجوز أن يكون رفعه على قولك: (ذَلِكَ الْكَتابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)
كأنك قلت ذلك الكتابُ حَقُّا، لأن لا شك فيه بمعنى حق ثم قَال: بعد ذلك: (فِيهِ هُدًى لِلْمُتقِينَ).
وقوله ﷿: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)
معناه يصدقون، وكل مْؤمِن بشيءٍ فهو مصدق به فإذا ذكرتَ مؤمنًا ولم
تقل هو مؤْمن بكذا وكذا فهو الذي لا يصلح إلا في اللَّه ﷿، وموضع (الذين) جر تبعًا للمتقين ويجوز أن يكون موضعُهُم رفعًا على المدح كأنَّه
(١) هي رواية السوسي عن أبي عمرو البصري، وهي متواترة.