على تأويله حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلول (1). قال: فلما بعث الله محمدا وأظهره بمكة ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها، ثم أنزل إليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى ب " ألم " يعني " ألم ذلك الكتاب " وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد، " لا ريب فيه " فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم، ثم اليهود يحرفونه عن جهته، ويتأولونه على غير وجهه، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال آجال (2) هذه الأمة وكم مدة ملكهم، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منهم جماعة، فولى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فخاطبهم، فقال قائلهم:
إن كان ما يقول محمد - صلى الله عليه وآله - حقا لقد علمناكم قدر ملك أمته، هو إحدى وسبعون سنة، " الألف " واحد، و " اللام " ثلاثون، و " الميم " أربعون، فقال علي عليه السلام: فما تصنعون ب " المص " وقد انزل (3) عليه؟ قالوا: هذه إحدى وستون ومائة سنة. قال: فما ذا تصنعون ب " الر " وقد أنزلت عليه؟ فقالوا: هذه أكثر، هذه مائتان وإحدى وثلاثون سنة. فقال علي عليه السلام: فما تصنعون بما انزل عليه (4) " المر "؟ قالوا: هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة فقال علي عليه السلام: فواحدة من هذه له أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم فبعضهم قال له:
واحدة منها وبعضهم قال: بل يجمع له كلها وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة، ثم يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود. فقال علي عليه السلام: أكتاب من كتب الله نطق بها، أم آراؤكم دلتكم عليه؟ قال بعظهم: كتاب الله نطق به، وقال آخرون منهم: بل آراؤنا دلت عليه، فقال علي عليه السلام. فأتوا بالكتاب (5) من عند الله ينطق بما تقولون. فعجزوا عن إيراد ذلك، وقال للآخرين: فدلونا على صواب هذا الرأي. فقال: صواب رأينا دليله أن هذا حساب الجمل. فقال علي عليه السلام: كيف دل على ما تقولون وليس في
مخ ۲۶