معالم القربة په طلب الحسبة کې
معالم القربة في طلب الحسبة
خپرندوی
دار الفنون «كمبردج»
[الْبَاب الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ فِي الْقُضَاة وَالشُّهُود]
الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ إبْرَامِ الْأَمْرِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] فَلَمَّا كَانَتْ الْقَضَاءُ أُمِرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَطِبَاعُ النَّاسِ جُبِلَتْ عَلَى التَّنَازُعِ وَحُبِّ الْأَمْوَالِ وَالتَّنَافُسِ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى حَمْلِهِمْ إلَى الْحَقِّ بِالْيَدِ الْقَاطِعَةِ لِلنِّزَاعِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ [ص: ٢٦] فَأَخْبَرَ - تَعَالَى - أَنَّ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٩] .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] .
وَقَوْلُهُ ﷿: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٥١] .
وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيَعْمَلُ بِهَا» .
وَعَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنْ السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الَّذِينَ إذَا حَكَمُوا لِلْمُسْلِمِينَ حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ»، وَعَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ
1 / 200