كان جو السفينة فيكتوريا مختلفا جدا عن الجو الودي الذي كنت أجده في سفننا. وكنت أقول لنفسي وأنا أدخل الغرفة الصغيرة ذات السرير الواحد: ما مضى قد مضى. كان الاستقبال مزعجا. وحين تذكرت آخر مغادرة لنا للإسكندرية، اجتاحتني نوبة رهيبة من الضيق ، ورحت أنتحب بشدة بين ذراعي محمد الزيات؛
4
كان يبدو لي أنهم أخذوا ينتزعونك مني مرة أخرى. كانت وحدتي كلية، غير أن ذلك لم يكن هو ما يؤلمني وإنما هي القطيعة، وإنما هو هذا العالم الجديد الذي لم يعد لي مكان فيه.
ها هو ذا عيد القديس يوحنا، عيد فلورنسا وعيد بول السادس، الذي يسمى يوحنا المعمدان. إنني أذكر بأي اهتمام كنت تتابع فيه انتخابه - فقد كان أمس يوم الاحتفال السنوي الحادي عشر - وأذكر أنك كنت سعيدا لاختيار الكاردينال «مونتيني
Montini » الذي كنت تعرفه، ولقد احتفظت بالمودة لذلك الغلام من «سافواي
Savoy » الذي حمل إلينا ذلك الخبر.
يقلقني عجزي عن إعادتك إلى قربي ويقنطني. أعرف أنك تحيا، ولكن أين؟ وكيف؟ وأعرف أن بوسعي أن أخاطبك، وأن بوسعك أن تجيبني، لكنك تفلت مني، وتفلت من نفسك، آه! ما أبعدك يا صديقي! لا أكاد أستطيع التغلب على هذا الضيق الذي يثقل صدري منذ هذا الصباح. ولو أنني تركت نفسي لهواها لبكيت دون توقف. كنت في الحديقة بصحبة كتاب. ولم يغير ذلك من الأمر شيئا. ولقد ألقيت نظرة مكتئبة على الممشى الصغير الذي كنت قد هيأته لك لتجلس فيه عصر ذات يوم؛ كان ضيقا، وارف الظل مزهرا، وكنت أفكر أننا سنقضي فيه لحظات هادئة لكنك لم ترغب في النزول إليه.
25 يونيو
دوما هذه الرتابة. فالبحيرة المثقلة ساكنة الحركة. وكنت تأسف لأن خرير مياهها لا يصل سمعك في هذا الفندق. وأفكر في هذا الظلم الذي حرمك من فندق «السافواي
Savoy » ومن «كول
ناپیژندل شوی مخ