وَبعده الْبَيْت وَبعده
(ولوْ لم يَزعنِي عنَكَ غَيركَ وَازعٌ ... لأعديتنِي بالحِلم إنَّ العُلا تُعدِي)
وَمعنى الْبَيْت هُوَ كريم إِذا مدحته وَافقنِي النَّاس على مدحه فيمدحونه لإسداء إحسانه إِلَيْهِم كإشسدائه إِلَيّ وَلَا أمدحه بِشَيْء إِلَّا صدقني النَّاس فِيهِ أَو أَن النَّاس وافقوني على وجود مَا يُوجب الْمَدْح للْإنْسَان من صِفَات الْكَمَال فِيهِ وَإِذا لمته لَا يوافقني أحد على لومه لعدم وجود الْمُقْتَضِي لَهُ فِيهِ
وَفِي مَعْنَاهُ قَول الآخر
(وَإذَا شكوتك لم أجد لي مُسعدًا ... وَرُمِيتُ فِيمَا قُلتُ بالبهتان) // الْكَامِل //
وَقد نَاقض هَذَا الْمَعْنى ابْن أبي طَاهِر بقوله
(يَشركُنيِ الْعَالم فِي ذَمِّهِ ... لَكننِي أمدحُهُ وحدي) // السَّرِيع //
وطاهر العتابي الْمَعْرُوف بالمعتمد الْبَغْدَادِيّ بقوله
(مَدحتهمُ وَحدِي فلمَّا هَجوتهمْ ... هَجوتهمُ والنَّاسُ كلهم معي) // الطَّوِيل //
وَالشَّاهِد فِيهِ التنافر أَيْضا لما فِي قَوْله أمدحه من الثّقل لقرب مخرج الْحَاء من مخرج الْهَاء لِأَن المخارج كلما قربت كَانَت الْأَلْفَاظ مكدودة قلقة غير مُسْتَقِرَّة فِي أماكنها وَإِذا بَعدت كَانَت بعكس الأول وَلِهَذَا لم يُوجد فِي كَلَام الْعَرَب الْعين مَعَ الْغَيْن وَلَا مَعَ الْحَاء وَلَا مَعَ الْخَاء وَلَا الطَّاء مَعَ التَّاء حذرا مِمَّا مر وَأَيْضًا فِيهِ ثقل من جِهَة التّكْرَار فِي أمدحه ولمته
وَمن قَبِيح التّكْرَار قَول الشَّاعِر
(وأزورَّ مَنْ كَانَ لهُ زَائِرًا ... وعاف عافي العُرْفِ عرْفانهُ) // السَّرِيع //
1 / 37