99

فقهقه الشبان بضحكة عالية وقال إبراهيم: ألا تحب أن تبدأ معركة جديدة يا أبي؟

فنظر رضوان أفندي إلى ولده مبهوتا، ثم نقل بصره إلى الشبان يفحص وجوههم واحدا واحدا ثم قال في بطء: لماذا تضحكون هكذا؟

فقال أحدهم: لأنك ما زلت تحمل قلب جندي.

فانفرجت أساريره وأطرق حينا ثم قال: نعم ما زلت أحمله، وما يزال يغلي من الغضب. الغضب الذي أحاول أن أخمده بلعناتي.

فقال الشاب: ولماذا لا تصوبه إلى العدو؟ لماذا لا تستأنف المعركة؟

فقال رضوان أفندي بصوت امتزجت فيه الدهشة بالشك: أتقول أستأنف المعركة؟

فقال الشاب في حماسة: هي معركة قد تطول. قد تطول لعدة سنوات، وقد يشترك فيها جيل بعد جيل. قد يشترك فيها جنود لم يخلقوا بعد. ولكنها معركة مستمرة. لماذا لا تشترك فيها أنت ونحن، ثم يشترك فيها أبناؤنا وأبناء أبنائنا حتى النهاية؟ هي معركة أمة، تتجدد مع الأجيال حتى يتم النصر.

وكان رضوان أفندي قد وقف على قدميه من شدة التأثر وهو يستمع إلى الشاب الذي وقف هو الآخر وأخذ يلوح بقبضته في الهواء كأنه يقاتل.

فلما فرغ الشاب من قوله اندفع رضوان أفندي إليه وأخذه بين ذراعيه قائلا: أعاهدك على أن أستأنف المعركة!

وتحمس الشبان لهذا التغير المفاجئ فقاموا يهتفون بحياة الوطن والحزب الوطني الجديد، وتعهد رضوان أفندي أن ينشئ في الكوم الأحمر شعبة من ذلك الحزب لينشر الدعوة لاستئناف المعركة.

ناپیژندل شوی مخ