إذن فالبعدية في الآيتين إما أن تكونا محدودتين جميعا بزمن معين؛ أو يمتد زمنهما إلى يوم القيامة، وكثير ممن كتب في الموضوع يجعل (والذين جاؤوا من بعدهم) فينا فيوجب علينا الاستغفار للسابقين ولا يوجبونها على الطلقاء!! ثم يجعلون (وكلا وعد الله الحسنى) تشمل الطلقاء ولا تشملنا؟! وهذا تناقض في أمور متشابهة.
(راجع الآيتين جيدا فموضوعهما واحد).
النص الخامس.. من النصوص القرآنية:
قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا بعضهم أولياء بعض، والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا، وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير)[24].
أقول: هذه الآية فيها فوائد في موضوع الصحبة من أهمها:
1. إثبات ولاية المهاجرين مع الأنصار فقط، وهذا ما يفسره الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة) رواه أحمد بسند صحيح[25].
وهذا الحديث فيه إخراج للطلقاء من الصحبة صحبة المهاجرين والأنصار، الذين هم أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، كما في حديث آخر: (أنا وأصحابي حيز والناس حيز)، قالها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الفتح كما سيأتي، وكلمة (أصحابي) في هذا الحديث الأخير كلمة مطلقة، فسرها الحديث المتقدم، وقيدها بأن المراد بها (المهاجرين والأنصار)، فتأمل لهذا التوافق والترابط.
مخ ۳۳