وفي مرسل صحيح ذكر للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم رجل من ثقيف مات يوم حنين، وهو كافر، فقال: (أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشا) .
لا منافاة بين هذا، وما قبله لاحتمال أنهما رجلان مسلم وكافر، وأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دعا على كل منهما.
وفي حديث آخر في سنده مقال: وقف صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على رجل من ثقيف مقتول فقال: (أبعدك الله، فإن كنت تبغض قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد بعدهم، فضل الله قريشا: بأنى منهم، وأن النبوة فيهم، وأن الحجابة فيهم، وأن السقاية فيهم، ونصرهم على الفيل، وعبدوا الله عشرين سنة، لا يعبده غيرهم) .
أي باعتبار الغالب، فلا يرد مثل أبي ذر ممن أسلم قديما وليس منهم، (وأنزل فيهم سورة من القرآن لم تنزل في أحد غيرهم) .
وصح أن صحابيا قال عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - قال: لئن قلت ذلك إن فيهم - أي قريش - خصالا أربعة إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيركم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة، وأمنعهم من ظلم الملوك) .
وورد نحو هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وجاء عن عمرو موقوفا عليه أيضا: (قريش خالصة لله من نصب لها حربا، أو حاربا سلب، ومن أرادها بسوء خزى في الدنيا والآخرة) .
ومر خبر (واختار من مضر قريشا (.
وخبر (واصطفى من بني كنانة قريشا) .
وخبر (وكانت خيرة الله في قريش) .
وخبر (الدعاء لهم بالنوال والهداية والتفقه في الدين) .
الثانية الأنصار
الأوس والخزرج
صح عن أنس أنه قيل له: أرأيتم اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟.
فقال: بل سمانا الله ﷿.
وأخرج الطبراني أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله أيدني بأشد العرب ألسنا وأذرعا يا بني قيلة الأوس والخزرج) .
وأخرج بسند ضعيف أيضا عن أبي واقد الليثي قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فأتاه آت فالتقم أذنه، فتغير وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وأثار الدماء في أساريره، وقال: (هذا رسول عامر بن الطفيل يتهددني، ويتهدد من بأزائي، فكفانيه الله بالنبين من ولد إسماعيل بابنى قيلة) يعنى الأنصار.
وصح في البخاري أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم رأى نساءهم وصبيانهم مقبلين من عرس فقام، وقال: (اللهم أنتم من أحب الناس إلي) .
وفيه وفي مسلم جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ومعها صبي لها فكلمته، فقال: (والذي نفسي بيده، إنكم لأحب الناس إلى مرتين) .
وصح أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مر ببعض المدينة فإذا الجوارى يضربن بدفهن، ويقلن نحن جوار من بنى النجار يا حبذا محمد من جار.
فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (اللهم بارك فيهن) .
وأخرج الشيخان وغيرهما أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله) .
وأنه قال: (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار) .
وصح خبر: (إن هذا الحي من الأنصار حبهم إيمان، وبغضهم نفاق) .
وخبر: (حب الأنصار إيمان، وبغضهم نفاق) .
وخبر: (لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله ورسوله) .
وفي رواية للبزار: (من أحبني أحب الأنصار، ومن أبغضني، فقد أبغض الأنصار، لا يحبهم منافق، ولا يبغضهم مؤمن، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله، الناس دثار، والأنصار شعار ولو سلك الناس شعبا، والأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار) .
وفي خبر حسن: (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار) .
وفي رواية للطبراني وغيره، فيها غرابة: صعد النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: (أيها الناس لا صلاة بلا وضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولم يؤمن بالله من لم يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار) .
وصح خبر: (من أحب الأنصار أحبه الله، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله) .
1 / 6