فتناخرت بطارقته فقال: وإن تناخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم في أرضي، (السيوم الآمنون) من سبكم غرم (ثلاثا) ما أحب أن لي دبرا (يعني من ذهب) وأني آذيت رجلا منكم، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه، ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها وأخرجا أو قال وأخرجوهما من بلادي.
فخرجا مقبوحين مردود عليهما ما جاء به، فأقمنا مع خير جار وفي خير دار فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حزنا قد كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف.
فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرا فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض: من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون يعني الهزيمة؟
فقال الزبير رضي الله عنه -وكان من أحدثهم سنا-: أنا، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم خرج يسبح عليها حتى خرج إلى شقه الآخر -يعني وكان بينهم وبين ملتقى القوم نهر من النيل عظيم- وخرج إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي، فوالله ما علمنا أنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة وأقام من أقام.
قال الزهري: فحدثت هذا الحديث عروة عن أم سلمة، فقال عروة: هل تدري ما قوله: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه يعني؟
مخ ۱۵۵