مبرهنه فرما ته وروستۍ
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
ژانرونه
ومن أعظم الإنجازات التي حققها البريطانيون هي أنهم قد أدركوا أن الآلة إنيجما لا يمكن أبدا أن تشفر الحرف بنفسه، أي إنه إذا نقر المرسل على الحرف
R ؛ فيمكن أن ترسل الآلة أي حرف بناء على إعداد الآلة، فيما عدا الحرف
R . وهذه الحقيقة التي تبدو تافهة كانت هي كل ما يلزم لتقليل الوقت الذي تستغرقه عملية فك تشفير رسالة بدرجة كبيرة. وقد قاوم الألمان بالحد من طول الرسائل التي كانوا يرسلونها. كانت جميع الرسائل تنطوي على تلميحات لفريق فك الشفرات بالطبع، وكلما زاد طول الرسالة، تضمنت عددا أكبر من التلميحات. كان الألمان يأملون في أن يؤدي تقليل طول الرسائل إلى 250 حرفا بحد أقصى، إلى التعويض عن حقيقة أن إنيجما لا تشفر الحرف بنفسه.
من أجل أن يتمكن تورينج من فك الشفرات، كان غالبا ما يحاول تخمين الكلمات المفتاحية في الرسائل. وإذا كان تخمينه صحيحا، فإن ذلك كان يزيد من سرعة فك بقية الشفرة بدرجة هائلة. إذا شك محطمو الشفرة في أن رسالة ما تتضمن تقريرا عن الطقس على سبيل المثال، وهو من الأنواع الشائعة في التقارير المشفرة، فإنهم سيخمنون أن الرسالة تتضمن كلمات مثل «ضباب» أو «سرعة الرياح». وإذا كان تخمينهم صحيحا، فإن ذلك سيمكنهم من فك شفرة تلك الرسالة بسرعة، ومن ثم يستنتجون إعدادات إنيجما لذلك اليوم. ومن ثم، يمكن فك شفرات رسائل أخرى أهم في بقية اليوم بسهولة.
وحين كان البريطانيون يفشلون في تخمين كلمات الطقس، كانوا يحاولون أن يفكروا مثلما قد يفكر مشغلو إنيجما ليخمنوا كلمات دلالية أخرى. فقد يخطئ مشغل إنيجما ويخاطب المستقبل باسمه الأول أو ربما يطور سمة خاصة تكون معروفة بالنسبة إلى فريق فك الشفرة. وحين كانت تفشل جميع المحاولات وتتدفق الرسائل الألمانية دون أن يتمكن الفريق من فك شفرتها، يقال إن مدرسة التشفير البريطانية كانت تلجأ إلى القوات الجوية الملكية لتطلب منها تلغيم ميناء ألماني محدد. وعندها سوف يرسل مسئول الميناء الألماني على الفور رسالة مشفرة سيستقبلها البريطانيون. وحينها، يصبح من يفكون الشفرات واثقين من أن الرسالة تتضمن كلمات مثل «تلغيم» أو «تجنب» أو «مرجع الخريطة». وبعد فك شفرة هذه الرسالة، سيكون تورينج قد توصل إلى إعدادات إنيجما لذلك اليوم، وتصير جميع الرسائل الألمانية التالية في ذلك اليوم عرضة لفك شفرتها بسرعة.
في الأول من فبراير عام 1942، أضاف الألمان عجلة رابعة لآلات إنيجما التي كانت تستخدم لإرسال المعلومات شديدة السرية. وقد كان ذلك أكبر تصعيد في مستوى التشفير خلال وقت الحرب، لكن فريق تورينج تمكن من المقاومة رغم ذلك عن طريق زيادة كفاءة القنابل. وبفضل مدرسة التشفير، تمكن الحلفاء من معرفة الكثير عن أعدائهم بأكثر مما كان الألمان يظنون بدرجة كبيرة. قل تأثير الغواصات الحربية الألمانية في المحيط الأطلنطي بدرجة كبيرة، وتمكن البريطانيون من تقديم التحذيرات بشأن هجمات سلاح الجو الألماني. وقد تمكن محطمو الشفرات أيضا من استقبال الرسائل بشأن المواقع المحددة لسفن الإمدادات الألمانية وفك شفرتها؛ مما أتاح إرسال المدمرات البريطانية لإغراقها.
وقد كان على قوات الحلفاء أن تحرص دائما على ألا تشي إجراءات المراوغة التي تتخذها بقدرتها على فك شفرة المراسلات الألمانية. ذلك أن الألمان إذا شكوا بأن شفرة إنيجما قد اخترقت، كانوا سيزيدون من مستوى التشفير، وقد يعود البريطانيون إلى مربع الصفر من جديد. ولهذا السبب، فقد كان يحدث في بعض الأحيان أن تخبر مدرسة التشفير قوات الحلفاء بهجمة وشيكة، وتختار قوات الحلفاء ألا تتخذ إجراءات مضادة متطرفة. علاوة على ذلك، فثمة شائعات تقول بأن تشرشل عرف أن مدينة كوفنتري كانت ستتعرض لغارة جائحة، لكنه اختار ألا يتخذ احتياطات خاصة لئلا يرتاب الألمان. غير أن ستيوارت ميلنر-باري الذي كان يعمل مع تورينج، ينكر هذه الشائعة ويقول إن شفرة الرسالة المتعلقة بكوفنتري لم تفك إلا بعد فوات الأوان.
لقد أتى تقييد استخدام المعلومات التي جرى فك شفرتها بثماره على النحو الأمثل. فحتى حين كانت القوات البريطانية تستخدم المراسلات التي تلقتها لتكبد العدو خسائر فادحة، لم يشك الألمان بأن شفرة إنيجما قد اخترقت. لقد كانوا يعتقدون أن مستوى التشفير الذي يستخدمونه متقدم للغاية حتى إنه ليستحيل فك شفرته. وبدلا من ذلك، كانوا يعوزون أي خسائر فادحة إلى تسلل جهاز الاستخبارات البريطانية بين قياداتهم.
بسبب السرية المحيطة بالعمل الذي كان يجريه تورينج وفريقه في بليتشلي، لم يكن من الممكن الاعتراف بإسهاماتهم الضخمة في جهود الحرب بشكل علني، حتى بعد الحرب بسنوات طويلة. لقد كان يقال إن الحرب العالمية الأولى هي حرب علماء الكيمياء، والحرب العالمية الثانية هي حرب علماء الفيزياء. والواقع أنه بناء على المعلومات التي كشفت في العقود الأخيرة، سيكون من الصواب على الأرجح القول بأن الحرب العالمية الثانية كانت حرب علماء الرياضيات أيضا، وسوف تكون إسهاماتهم أكثر أهمية حتى من ذلك في حالة وقوع حرب عالمية ثالثة.
على مدى المدة التي قضاها تورينج في العمل على فك الشفرات، لم يغفل أبدا عن أهدافه المتعلقة بالرياضيات. لقد استبدلت بالآلات الافتراضية أخرى حقيقية، غير أن الأسئلة العويصة قد ظلت. بنهاية الحرب، كان تورينج قد أسهم في بناء «كولوسس»، وهي آلة إلكترونية بالكامل تتكون من 1500 صمام كانت أسرع كثيرا من المرحلات الكهروميكانيكية التي استخدمت في القنابل. لقد كانت الآلة «كولوسس» جهاز كمبيوتر بالمعنى الحديث للكلمة، ونظرا إلى سرعتها الإضافية وتعقيدها، بدأ تورينج يفكر فيها على أنها دماغ بدائي: لقد كانت تتمتع بذاكرة، وكانت تستطيع معالجة المعلومات والحالات داخل نطاق حالات الكمبيوتر الشبيهة بالحالات الذهنية. لقد حول تورينج آلته التخيلية إلى أول جهاز كمبيوتر فعلي.
ناپیژندل شوی مخ