199

Mabahith fi al-Tafsir al-Mawdhu'i

مباحث في التفسير الموضوعي

خپرندوی

دار القلم

د ایډیشن شمېره

الرابعة ١٤٢٦ هـ

د چاپ کال

٢٠٠٥ م

ژانرونه

ومجريات الأمور، فجو الحادثة والسور والآيات كلها متجهة لإثبات صدق رسول الله ﷺ وإبطال أساليبهم وبيان زيف مواقفهم وما يحاولون الوصول إليه من إبطال دعوة النبوة وتبرير مواقفهم الشركية، واطلاعهم على حقيقة ما يعتقدون ويتبنون من قيم.
"ج" لو جاء الجواب في الوقت الذي حدده رسول الله ﷺ لهم، لمرت الحادثة كأي حادثة مرت في العلاقات بين القوم مما كان يجري في العلاقات اليومية.
لكن عندما انصب اهتمام قريش على هذه الأسئلة، وكان التحديد من رسول الله ﷺ، ثم كان الإرجاء والتأجيل، كما تقول الرواية -حتى أرجف أهل مكة- فقد أصبحت النفوس متشوفة متطلعة، وقد كثرت الأقاويل والإشاعات بين القوم.
وهذا أسلوب من أساليب الدعوة لشد الانتباه وإشغال الرأي العام بقضية الدعوة، ثم إذا جاءت الإجابة عند الحاجة الماسة إليها فإنها أوقع في النفس وأشد تأثيرًا.
ولعل هذا هو المراد بالإشارة التعقيبية على موضوع المشيئة ﴿وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾ .
فما يأتي من نتائج وثمرات مترتبة على هذا الإرجاء فهو أقرب رشدًا.
ولعل مثل هذه اللفتة بعد آيات حادثة الإفك ﴿لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وذلك لما يترتب على هذه الحادثة من جوانب تربوية، وإبراز فضل آل رسول الله ﷺ وأزواجه الطاهرات، وآل أبي بكر، وما كشف عن معادن كريمة في نفوس أصحاب رسول الله ﷺ.
وإبرازًا لهذا الجانب ولسوق بعض الفوائد نستطرد إلى ما ذكره القرآن الكريم من أحداث متشابهة كان فيها الإرجاء وعدم تلبية طلب النبي مما حدث ليوسف ﵇.
ففي قصة يوسف ﵇، طلب من الناجي -من صاحبي السجن-

1 / 213