مباحث علميه او ټولنیزه

شبلی شمیل d. 1335 AH
134

مباحث علميه او ټولنیزه

مباحث علمية واجتماعية

ژانرونه

ثم صارت تبدي رأيها في الحوادث السياسية ، ولكن مع التزام جانب الاعتدال، وتذكر كل ما يقال ويجري في المدينة، كما تفعل أعظم جرائد باريس ولوندرة. ومما يستحق الذكر أن هاتين الجريدتين لم ينصب عليهما غضب الحكام بالتعطيل والإلغاء، ولا ثار عليهما الشعب بالمظاهرات العدوانية. والسبب اعتدالهما في كلامهما، واتفاقهما على مبادئ هي بين الصينيين واحدة لتمسك البلاد كلها بشريعتها، كأنها فيها رجل واحد، ولعدم وجود الأحزاب بسبب ذلك. وربما كان هذا هو السبب أيضا في أن هذه البلاد التي هي بالحصر مهد الإنسان ومنشأ العمران وأم الجرائد التي هي من أقوى عوامل المدنية، لم تتقدم منذ مئات من السنين، بل لبثت واقفة كالبلية رأسها في الولية، حتى حركت عليها مطامع الدول الأوروبية من عظيمة وصغيرة وغنية وفقيرة، فاندفعت نحوها كل يطلب نصيبه، إنكلترا وروسيا وألمانيا وفرنسا، حتى إيطاليا هاجتها المطامع، فكأنها أصبحت كما في قول الشاعر:

لقد هزلت حتى بدا من هزالها

كلاها وحتى سامها كل مفلس

ولعل نفس السبب الذي أوقعها في الخمول سيكون السبب أيضا لوقايتها من الوقوع في حبائل الدول الأجنبية زمانا طويلا، فيتحول خمولها إلى نهضة بمحاكة الدول الغربية لها، واقتباسها عنها أسباب تمدنها، فتهب حينئذ حزبا واحدا وقوما واحدا من جنس واحد ولغة واحدة ودين واحد، فترد عنها مطامع الاحتلال، وتحفظ لنفسها الاستقلال؛ ولذلك يرجح أن الدول الأوروبية تشتغل هذه المرة لمصلحة سواها ضد مصلحة نفسها خلافا للمشهور حتى اليوم، فالصين مستقبلها لها من قبل ومن بعد، والآتي أضمن لها.

المقالة الخامسة والأربعون

الجرائد في الشرق

1

مركز الجرائد في الشرق صعب جدا؛ لأن الجرائد التي تنتشر انتشارا يترتب عليه أثر لا بد لها من معدات كثيرة لا تتوفر لها إلا إذا كان جمهور الذين يقرءون كثيرا، والشرق ولا يؤخذ علينا في تأخر عظيم من هذا القبيل؛ لأن عدد الذين يقرءون محدود، لا يكفي للقيام بنفقات كل ما يكتب وينشر، وربما كان هذا هو السبب الذي لأجله سيبقى الشرق محروما زمانا طويلا من الكتاب الأعلام والمؤلفين العظام.

والجرائد أثرها أعظم جدا من أثر الكتب؛ لانتشارها بين الجماهير أكثر منها، وسلطانها على الأفكار أعظم جدا مما يظنه الإنسان لأول وهلة لاستمرارها، والفعل الضعيف إذا استمر يكون له أثر متجمع عظيم جدا، ومن أمثال العامة «الحبل على تمادي الأيام يقطع خرزة البير.»

فالجرائد قوة من القوات التي يعتد بها في الهيئة الاجتماعية، بل هي القوة الأولى في المجتمع الإنساني، ولها المقام الأول في الحكومات المتمدنة؛ لأنها تستطيع على هذا المجتمع ما لا يستطيعه سواها. فلا صولة الملوك، ولا سطوة الجيوش، ولا قوة القوانين؛ تعادل قوة الجرائد. فالكاتب الذي يخط بقلم ضئيل على القرطاس الصقيل كلمات هينات ربما لا يدري أن كلماته هذه سيكون لها في الجموع أثر لا يصد، ولا يقف عند حد.

ناپیژندل شوی مخ