وأما السياسة: فإنه كان شديد السياسة في ذات الله لم يراقب ابن عمه في عمل كان ولاه إياه، ولا راقب أخاه عقيلا في كلام جبهه به، وأحرق قوما بالنار، ونقض دار مصقلة بن هبيرة، ودار جرير بن عبد الله البجلي، وقطع جماعة، وصلب آخرين، ومن جملة سياسته[حروبه في] أيام خلافته بالجمل، وصفين، والنهروان، وفي أقل القليل منها مقنع، وإن كل سائس في الدنيا لم يبلغ فتكه وبطشه مبلغ العشر مما فعل -عليه السلام- في هذه الحروب بيده وأعوانه فهذه [هي] خصائص البشر ومزاياهم، قد أوضحنا أنه فيها الإمام المتبع فعله والرئيس المقتفى أثره، وما أقول في رجل يحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصور ملوك الفرنج وملوك الروم صورته في بيعها وبيوت عبادتها، حاملا سيفه، مشمرا لحربه، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها، كان على سيف عضد الدولة ابن بويه وسيف أبيه ركن الدولة صورته، وكان على سيف إلب رسلان وأبيه ملك شاه صورته، وكأنهم يتفاءلون به للنصر والظفر، وما أقول في رجل أحب كل أحد أن يتكنى به، وود كل أحد أن يتجمل بالإنتساب إليه، حتى الفتوة التي أحسن ما قيل في حدها:أن لا تستحسن من نفسك ما تستقبحه من غيرك، فإن أربابها نسبوا أنفسهم إليه وصنفوا وقصروه عليه، وسموه سيد الفتيان، وعضدوا [حجة] مذهبهم بالبيت المشهور المروي أنه سمع من السماء يوم أحد:
لا سيف إلا ذو الفقار
مخ ۱۰۹