120

فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، لا أراك بعد اليوم تعرفني، ما أصنع بالكسوة، أما ترى علي إزارا من صوف، ورداء من صوف، متى تراني أبليهما؟ أما ترى نعلي مخصوفين، متى تراني أبليهما؟ أما تراني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم، متى تراني آكلها؟ يا أمير المؤمنين، إن بين يدي ويديك عقبة كؤد لا يجاوزها إلا ظامر مخف مهزول، فأخف يرحمك الله؛ فلما سمع عمر ذلك ؛ ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه، يا ليتها كانت عقيما، لم تعالج حملها، ألا من يأخذها بما فيها [ولها] يعني الخلافة، ثم قال: يا أمير المؤمنين، خذ أنت هاهنا حتى آخذ [أنا] هاهنا، فولى عمر ناحية مكة، وساق أويس الإبل فوافا القوم، فأعطاهم إياها، وخلى الرعاية، وأقبل على العبادة.

قالوا: وكان أويس إذا أمسى، يقول: هذه ليلة الركوع؛ فيركع حتى يصبح، وكان يقول في الليلة الثانية: هذه ليلة السجود؛ فيسجد حتى يصبح، وكان إذا أمسى يتصدق بما [يبقى] في بيته من فضل الطعام والشراب، ثم يقول: اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به.

قالوا: وكان يلتقط الكسر من المزابل فيغسلها، ويتصدق ببعضها، ويأكل بعضها، ويقول: اللهم، إني أبرأ إليك من كل كبد جائع.

وروي عن عبد الله بن سلمة قال: غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب، ومعنا أويس القرني، فمرض علينا، فحملناه، فلم يستمسك فمات؛ فنزلنا فإذا قبر محفور، وماء مسكوب، وكفن وحنوط، فغسلناه وكفناه، وصلينا عليه.

مخ ۲۱۲