معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
ایډیټر
عمر بن محمود أبو عمر
خپرندوی
دار ابن القيم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
د خپرونکي ځای
الدمام
ژانرونه
عَلَى الْعَرْشِ بِلَا حَدٍّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ كَيْفَ شَاءَ الْمَشِيئَةَ إِلَيْهِ وَالِاسْتِطَاعَةَ إِلَيْهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِلَا حَدٍّ وَلَا تَقْدِيرٍ، لَا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُشَبِّهَةُ. قُلْتُ لَهُ: وَالْمُشَبِّهُ مَا يَقُولُ؟ قَالَ مَنْ قَالَ بَصَرٌ كَبَصَرِي، وَيَدٌ كَيَدِي، وَقَدَمٌ كَقَدَمِي فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ تعالى بخلقه ا. هـ. وَكَلَامُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْهُ فِي الِاسْتِوَاءِ وَالْكَلَامِ وَالنُّزُولِ وَالرُّؤْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
"طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهِمْ قَدِ اهْتَدَى" إِذْ هُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ وَأَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَوْلَاهُمْ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاقْتِفَاءِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِهِمْ حَفِظَ اللَّهُ الدِّينَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَأَلْحَقَنَا بِهِمْ سَالِمِينَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.
وَسَمِّ ذَا النَّوْعَ مِنَ التَّوْحِيدِ ... تَوْحِيدَ إثبات بلا تردد
قَدْ أَفْصَحَ الْوَحْيُ الْمُبِينُ عَنْهُ ... فَالْتَمَسِ الْهُدَى الْمُنِيرَ مِنْهُ
"وَسَمِّ ذَا النَّوْعَ" وَالْإِشَارَةُ بِذَا إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ "إِثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ" إِلَى هُنَا وَمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ "مِنْ" نَوْعَيِ "التَّوْحِيدِ" الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا بِقَوْلِ: وَهُوَ نَوْعَانِ "تَوْحِيدُ إِثْبَاتٍ" لِاشْتِمَالِهِ عَلَى إِثْبَاتِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ وَأَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ ﷺ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ وَمُقْتَضَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَنَفْيِ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ كَمَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ ﵎، فَنُؤْمِنُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَنَنْفِي عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَأَصْدَقُ قِيلًا وَأَبْيَنُ دَلِيلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ عَكَسَ الزَّنَادِقَةُ الْأَمْرَ فَنَفَوْا عَنْهُ مَا أَثْبَتَهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَأَثْبَتُوا لَهُ مَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْهُ مِنْ أَضْدَادِ مَا تَقْتَضِي أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ، وَكَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَبَدَّلُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ.
1 / 366