وأقول: لعل أبا الطيب لم يرد الذي ذكره من الجمع بينهما بالجمع الذي بينه وبين مفرده الهاء، وإنما أراد بالتنوين المبالغة في المعنى، فجعل الأجفان قرحا ولم يصفها بقرحى؛ لأن الأول أبلغ (كما كان بهارا كذلك)، ويكون من باب: (البسيط)
. . . . . . . . . ... فإنَّما هي إقْبَالٌ وإدبارُ
لأن الوصف بالمصدر أبلغ من الوصف باسم الفاعل، ومنه رجل فطر وصوم، أو يكون أراد تحسين الألفاظ فصرف الكلمتين؛ لأن ذلك أحسن في الذوق وأعذب في السمع.
ومن ذلك قوله: وإني لأعجب ممن يجهل فضله، أو يستجيز تجاهله وهو الذي يقول: (الطويل)
إذَا كان شَمُّ الرَّوح أدنى إليكم ... فلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وقَبُولُ
فأي محدث يتعالى في عذوبته إلى أن يقول:
. . . . . . . . . . ... فلا بَرِحتَنْي رَوْضَةٌ وقَبْولُ
فيقال له: إذا كان تفسير هذا كما ذكرته وهو: فلا برحت روضة وقبول إياي، لم يكن فبه عذوبة ولا عليه طلاوة، وأما المعنى فلم يقع موقعه من الغزل لذكر الموت وذلك قوله قبله: (الطويل)
1 / 14