قال: يقول: إنما أترك لذتي في خلوتي، لما في المروءة والفتوة والأبوة، لا لما
يتخوف من تبعات اللذة، وهذا سرف نعوذ بالله منه.
وأقول إن أبا الطيب أطلق اللفظ بذكر التبعات، ولم يقيد بالتبعات التي تتخوف من قبل أهل المحبوب من قتل وقتال، وتوعد وتهدد، فذلك أراد، ولم يرد التبعات التي تلحقه من الآثام التي يكون الله - سبحانه - هو المطالب بها والمجازي عليها في الآخرة.
وقوله: (الكامل)
عَجَبًا لهُ حَفِظَ العِنَانَ بأَنْمُلٍ ... ما حِفْظُهَا الأشْياَء من عَادَاتِها!
قال: يقول: كيف حفظ العنان بأصابعه، وإنما من شأنها، ابدا، العطاء والبذل، لا الحفظ.
وأقول: إن كان أراد بالحفظ إمساك الشيء ولزومه طويلا، كإمساك المال، فليس من عاداتها.
وإن أراد بالحفظ إمساك الشيء ولزومه، على الجملة، كلزوم السيف في الحرب وحفظه، وإمساك الرمح والقلم والكتب، فهي كذلك وهو من عاداتها.
وكأنه أراد بقوله: الأشياء التي تتمول وتقتنى من الذهب والفضة، ونفائس الذخائر من الثياب والجواهر والخيل والعبيد، فإن ذلك ليس من عاداتها، فأطلق بقوله:
1 / 45