220

Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah

مع المشككين في السنة

ایډیټر

فاروق يحيى محمد الحاج

ژانرونه

المسألة الثانية
عقيدة أهل السنة في آل البيت
ليس من المبالغة إذا قلت: إنه لا أحد من النَّاس أشد حبًا ولا إكرامًا ولا إجلالًا ولا موالاة لآل البيت من أهل السنة، ولكن بالطبع من غير إفراط ولا تفريط. وهذا من أصولهم المعلومة المدونة في كتبهم (^١).
وذلك مراعاة وحفظًا لوصية رسول الله ﷺ فيهم، حيث قال ﷺ كما في حديث زيد بن أرقم ﵁: (وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي) (^٢).
وقال أبو بكر الصديق ﵁: (ارْقُبُوا مُحَمَّدًا ﷺ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ) (^٣).
وهم كذلك أبعد النَّاس عن أذيتهم أو التطاول عليهم أو احتقارهم؛ لأن من يؤذيهم لمنزلتهم وقربهم من النبي ﷺ فهو إنما يؤذي رسول الله ﷺ؛ لقوله ﵊ حينما جاء إليه عمه العباس ﵁ يشكو جفوة من بعض قريش لبني هاشم: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ آذَى عَمِّي فَقَدْ آذَانِي؛ فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) (^٤).
غير أن هذه الموالاة والمحبة إنما هي للمؤمنين الصالحين منهم، أمَّا الظلمة والفسقة والفجرة فقد تبرأ منهم ﷺ قبل غيره، وأعلن أنهم ليسوا له بأولياء، فعن عمرو بن العاص ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ جهارًا غير سر يقول: (أَلَا أن آلَ أَبِي -يَعْنِي: فُلَانًا- لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) (^٥). وبهذا جاء القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم:٤].

(^١) المصدر السابق (ص:١١٨).
(^٢) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب ﵁ (٤/ ١٨٧٣)، رقم (٢٤٠٨).
(^٣) صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب مناقب قرابة رسول الله ﷺ ومنقبة فاطمة ﵍ بنت النبي ﷺ (٥/ ٢١)، رقم (٣٧١٣).
(^٤) مسند أحمد (٢٩/ ٥٧)، رقم (١٧٥١٦)، وسنن الترمذي، أبواب المناقب، باب مناقب أبي الفضل عم النبي ﷺ وهو العباس بن عبد المطلب ﵁ (٥/ ٦٥٢)، رقم (٣٧٥٨). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وقال الألباني: «صحيح». صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني (٢/ ١١٩٢)، رقم (٧٠٨٧). عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
(^٥) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب تبل الرحم ببلالها (٨/ ٦)، رقم (٥٩٩٠)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم (١/ ١٩٧)، رقم (٢١٥). وزاد البخاري: (وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلَاهَا)، يعني: أصلها بصلتها.

1 / 221