Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah
مع المشككين في السنة
ایډیټر
فاروق يحيى محمد الحاج
ژانرونه
قلت: وفتوى ابن عباس ﵄ هذه رواها عنه -كما قال أبو داود والطحاوي-: سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير والنعمان بن أبي عياش (^١) أنه قال ﵄ فيمن طلق امرأته ثلاثًا: (عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ) (^٢)، وأنها (لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (^٣).
(^١) قال الطحاوي: «وروى سعيد بن جبير ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكر والنعمان بن أبي عياش كلهم عن ابن عباس فيمن طلق امرأته ثلاثًا: (أنه قد عصى ربه وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته)». مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (٢/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
وذكر أبو داود: "أنه روى هذا الحديث عن ابن عباس ﵄: مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء ومالك بن الحارث وعمرو بن دينار كلهم قالوا في الطلاق الثلاث: إنه أجازها ﵁، قال: (وَبَانَتْ مِنْكَ).
ورواه عكرمة عن ابن عباس ﵄: (إذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفم واحد فهي واحدة). وجعله بعضهم من قول عكرمة ". سنن أبي داود (٢/ ٢٦٠).
(^٢) عن مجاهد قال: (كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢)﴾ [الطلاق:٢]. وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ﴾ [الطلاق:١] فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ). سنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث (٢/ ٢٦٠)، رقم (٢١٩٧). وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن أبي داود للألباني (٢/ ١١)، رقم (٢١٧٩).
(^٣) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﵄ في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة:٢٣٠] يقول: (إِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا﴾ [البقرة:٢٣٠]، يَقُولُ: إِذَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَدَخَلَ بِهَا الْآخَرُ فَلَا حَرَجَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِذَا طَلَّقَهَا الْآخَرُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا). تفسير ابن جرير الطبري (٤/ ٥٩٧)، رقم (٤٩٠٥)، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الرجعة، باب نكاح المطلقة ثلاثًا (٧/ ٦١٦)، رقم (١٥٢٠٢).
رابعًا: قول المشكك: "إن كلمة: ﴿مَرَّتَانِ﴾ لا تعني تكرار عبارة الطلاق في مجلس واحد" غير صحيح لغةً ولا شرعًا، فإن المرة الواحدة قد تشتمل على أقوال وأفعال كثيرة بمجموعها، ومن هذا:
١ - قال تعالى عن بني إسرائيل: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)﴾ [الإسراء:٤].
ولا شك أن المرة الواحدة من هذا الإفساد قد تشتمل على أقوال وأفعال كثيرة من الإفسادات.
٢ - قال تعالى عن المنافقين: ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة:١٠١]. وقد حصل لهم من العذاب في المرة الواحدة ألوان منه، كالقتل والجوع والفضيحة وغير ذلك.
والله أعلم.
1 / 197