Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah
مع المشككين في السنة
پوهندوی
فاروق يحيى محمد الحاج
ژانرونه
الشبهة الثالثة والعشرون
اتهام المحدثين بمخالفة القرآن
في قولهم بعدم الإشهاد على الطلاق واحتسابهم الطلاق بإقرار أحد الزوجين
يقول المشكك:
«ويقول تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢)﴾ [الطلاق:٢].
فيقول فقهاؤنا بعدم ضرورة الإشهاد على الطلاق، ويحتسبون الطلاق بإقرار الزوجة أو الزوج».
والجواب:
أولًا: قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق:٢] الإشهاد في هذه الآية ليس المراد به الإشهاد على الطلاق، وإنما: الإشهاد على الرجعة. وبهذا قال أكثر العلماء والمفسرين؛ وذلك:
١ - لما قد يحصل من إنكار الزوجة لها خاصة بعد انقضاء العدة.
٢ - قطعًا للشك في حصولها.
٣ - ابتعادًا عن الاتهام في العودة إلى معاشرة الزوجة بلا رجعة.
وليس الإشهاد عند هؤلاء واجبًا، ولكنه مستحب؛ لما تقدم ذكره.
وقالت الظاهرية بوجوب الإشهاد على الرجعة، وإن لم يشهد عندهم فلا تصح.
وعللوا ذلك:
١ - أن الأمر بالإشهاد في الآية هو للوجوب.
٢ - أن الشهادة شرط في إنشاء الزواج بالاتفاق، فتكون شرطًا في استدامته بالرجعة.
ثانيًا: أجمع العلماء على: أنه لا يجب الإشهاد على الطلاق؛ لما جاء من أن عدة من الصحابة ﵃ طلقوا زوجاتهم ولم يقع منهم إشهاد على طلاقهم وأقرهم النبي ﷺ، ومنهم:
١ - ابن عمر ﵄ (^١).
(^١) عن ابن عمر ﵄: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ ﷿ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ). صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب -ولم يذكر له عنوانًا- (٧/ ٤١)، رقم (٥٢٥١)، وصحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها وأنه لو خالف وقع الطلاق ويُؤمر برجعتها (٢/ ١٠٩٣)، رقم (١٤٧١).
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي ﷺ علمه كيفية الطلاق للسنة وأمره به، ولم يأمره بالإشهاد عليه.
وعن نافع قال: (طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ ﵁ امْرَأَتَهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنٍ، فَلَمَّا رَاجَعَهَا أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا). السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الرجعة، باب ما جاء في الإشهاد على الرجعة (٧/ ٦١١)، رقم (١٥١٨٨). قال في "صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة" -لأبي مالك كمال بن السيد سالم- «إسناده صحيح». صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة لأبي مالك كمال بن السيد سالم (٣/ ٢٦٠)، حاشية رقم (٢).
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن ابن عمر ﵁ لو كان أشهد على الطلاق لأخبر به نافع كما أخبر أنه ﵁ أشهد على الرجعة. والله أعلم.
1 / 158