ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
ژانرونه
وهم واقفا فقال له بحري: وإلى أين؟ - أود أن أرى البك.
وخرج مسرعا لا يلوي على أحد. •••
كان محمود بك عبد اللطيف صاحب الفاروق ورئيس تحريره جالسا أمام مكتبه يحرر المقالة الافتتاحية، وكانت الغرفة التي كان جالسا بها مزدانة بأفخر الرياش، وبها لوحة كبيرة مكتوب عليها بالثلث «بسم الله الرحمن الرحيم.
إنا فتحنا لك فتحا مبينا »، وصورة متقنة للبك مرسومة بالزيت، صنعها له أحد ماهري الرسامين بمصر.
جلس البك جلسة الكاتب المفكر ينظر للنافذة تارة؛ ليستجمع أفكاره، وللورقة تارة أخرى؛ ليخط ما يمليه عليه قلبه. فلما انتهى من مقالته سمع خادمه الخصوصي يقول له: أحمد بك أبو شنق ينتظر في غرفة الاستقبال. - أدخله.
ودخل البك الجديد مهرولا يتعثر في أذيال جبته وقفطانه، وصاح بملء فيه. - السلام عليكم. - وعليكم السلام ورحمة الله.
وهم البك واقفا وصافح زائره بيده وأجلسه في صدر المكان، وقدم له سيجارة بعد أن أمر الخادم أن يأتيه بفنجان قهوة، وابتدأ يحادثه وهو يبتسم. - لقد تكرم البك بزيارة الفاروق فمرحى له وأهلا وسهلا به. - لقد تشرفت بهذه الزيارة التي كانت تطمح إليها نفسي منذ عام. إني مشترك بالفاروق، وأقرؤه كل يوم، ويلذ لي مطالعته كثيرا، ولولا إقامتي في الريف لكنت أول من يكثر التردد على صاحبه. فعذرا يا سيدي عذرا، والكريم من يقبل العذر. - إن عذر سيدي البك مقبول على العين والرأس، أما زيارته لإدارة الفاروق فهي منة كبرى لا أنساها أبد الدهر. - ولقد أتيت بالاشتراك فأرجو قبوله.
فأظهر صاحب الجريدة امتعاضا، ولكنه قرع الجرس، وأمر الخادم أن يناديه بأحد رجال الإدارة. وما غاب الخادم دقيقة حتى عاد ومعه محمود أفندي المنوفي محصل الاشتراكات، وإليه دفع البك قيمة الاشتراك، فلما قدم إليه الوصل ليمضيه، اعتذر البك لألم في يده وسأله أن يمضيه عنه، وكان البك من العمد الذين لم يتعلموا القراءة ولا الكتابة، وانصرف محمود أفندي حاملا في يده الدراهم بعد أن أعطى لأبي شنق الوصل ممضيا عليه.
وتحادث صاحب الجريدة مع البك عن أحوال بلدته، وعن الأمن العام فيها، وعن رأيه في النفي الإداري، وأبدى له الزائر آراء لولا كرم الضيافة لقهقه لسماعها صاحب الجريدة هازئا ساخرا. وانصرف البك بعد أن شرب القهوة وهو يتعثر بأذيال جبته وقفطانه ويصيح بملء فيه «السلام عليكم.»
ولما خلا صاحب الجريدة بنفسه قرع الجرس ودفع للخادم بالمقالة الافتتاحية ليذهب بها لتنشر، ومكث هنيهة يضرب أخماسا في أسداس. ثم دخل عليه الخادم ليعلن قدوم زائر جديد.
ناپیژندل شوی مخ