ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
ژانرونه
فهو شاب جميل الصورة أسمر اللون حسن الهندام، يظهر عليه أنه كان غنيا ثم أناخ عليه الدهر بكلكله، إذا لمست يده أوتار القانون اهتز جسده بأجمعه مع اهتزاز النغمات، وتقلصت شفتاه وتقطب وجهه، فكأنه يبكي أيامه الماضية وثروته الضائعة.
وأما حامل الكمنجة:
فهو شاب في ريعان الشباب، أصفر الوجه له شارب طويل يرتفع طرفه الأيمن إلى أعلى وينخفض طرفه الأيسر إلى أسفل، له وجه ليس فيه شيء من التناسب بين طوله وعرضه، وجبهة خليقة بأن تكتب عليها بالثلث عناوين الأدوار، فما أشبهه بمحرري بعض الجرائد في مصر!
أما الأخير:
فهو يافع لا أدري لماذا أتوا به، يذكرني بيافع آخر كان يمر على قهاوي العاصمة ليبيع السجاير «الفنتزية»، التي إذا أشعلتها طار منها شعاع يخيف الأطفال الصغار.
أما المغنية:
فهي امرأة ذات جمال إغريقي في نحو الثانية والثلاثين من عمرها، قصيرة القامة نحيلة الخصر وضاحة الطلعة سافرة الوجه، مرتدية ملاءة سوداء تصل أطرافها إلى ركبتيها فتزيدها رقة وحسنا، لها فم جميل لا تفارقه الابتسامة، فكأنما تتساقط منه زهور النرجس والورد، ولها شفتان تتعدد أشكالهما كلما غنت؛ فتارة تظهر عليهما صورة الاستعطاف، وطورا صورة الإعراض، وآنا صورة الحنو والامتثال، وآونة صورة التيه والإعجاب. تغني ثم تضحك، وتضحك ثم تغني، وتبتسم وتخجل، ولا أدري لماذا تخجل ولماذا تبتسم ولماذا تضحك، وإن كنت أعرف لماذا تغني!
ويخيل لي أنها إذا خلعت إزارها الأسود وجلست لتحادثك خارج القهوة وهي جادة في قولها، يذهب عن وجهها ذلك الجمال الساحر والدلال القاتل. يشفع ابتسامها الجميل في ضعف صوتها.
انتهى الغناء، وخرجت مع صاحبي، فسمعت عند باب القهوة رجلا يقول: هذا غناء يتخلله ضحك وابتسام.
فقلت في نفسي: لقد أخطأت يا صاح، هذا ضحك وابتسام يتخللهما غناء.
ناپیژندل شوی مخ