فيما بين عامي 1882-1888 على 1023 نقشا آخر كانت هي وما سبقها عمدة العلماء في كل المعلومات عن تاريخ العرب قبل الإسلام، وهذه النقوش مكتوبة بلغات عدة أهمها اللغة المعينية، واللغة السبئية، ولهجة أخرى من اللهجات المعينية، وقد عدت كلها من باب التساهل حميرية، وهي كلها لغات سامية تمت بصلة إلى الأكادية «البابلية الأشورية»، وإلى الإثيوبية الحبشية، مما يشعر أن موجة من موجات الثقافة ربطت ما بين العراق وبلاد العرب وشرق أفريقيا، ومما هو جدير بالذكر أن لغتي مهرة «جنوب بلاد العرب» وسوقطرا الحاليتين تضمان عناصر تشبه عناصر هذه اللغات القديمة، أما خط هذه النقوش فهو تطور من الخط الفينيقي الذي كان مستعملا في القرن الثامن قبل الميلاد وما بعده وهو الأصل في الخط الذي لا يزال مستعملا في الحبشة، وتزخرف بعض هذه النقوش رسوم لحيوانات ونباتات مما يشير إشارة واضحة إلى مدى تأثير الفن الأشوري المتأخر فيها.
وننتقل الآن إلى الكلام في الآثار، وقد آثرنا أن نقسمها إلى آثار الجنوب وآثار الشمال. (2-6) آثار الجنوب
كانت بلاد اليمن وحضرموت أهم أجزاء بلاد العرب التي كثر مرتادوها من علماء الآثار، والتي كثرت دراساتهم فيها، ولا غرو فهي غاصة بآثار الحضارتين المعينية والسبئية، ولقد زار آثار مأرب عاصمة سبأ القديمة أكثر من واحد من العلماء نخص بالذكر منهم أرنو
Arnaud
وهاليفي
Halévy
وجلازر
Glaser ، وجمعوا من بين أنقاضها عددا من النقوش المعينية والسبئية محفورا على الحجر الجيري أو البرونز، ولقد درس أرنو دراسة تفصيلية سد مأرب المشهور ورسم أول خريطة له، كما درس بعض آثار صنعاء والخريبة وحرم بلقيس وقاسى في أثناء أبحاثه هذه مر العذاب، وكان ينقل الرسوم سرا تحت خطر القتل، وأصابه في أثناء العمل رمد أودى ببصره.
وقفى على أثره هاليفي، فجاس خلال اليمن وزار كثيرا من الآثار، ونقل نقوشها، وتمكن من كشف مدينة معين عاصمة دولة المعينيين التي ذكرها اليونان وكان العرب لا يعرفونها.
وكان لجمعية الآثار السامية فضل كبير في حل طلاسم الكثير من النقوش التي عاد بها المستكشفون، وكان علماء الألمان أصحاب القدح المعلى في ذلك، ولا تحمل الآثار التي حصل عليها تواريخ تدل عليها، ولكن العلماء يرجعونها إلى الفترة ما بين سنة 800ق.م، سنة 600م. (2-7) آثار الشمال
ناپیژندل شوی مخ