بالله لنفسه والبيعة لغيره.
~~قال أبو بكر : فلعهدي ذلك الوقت وقد حضرت صلاة المغرب، فضرب بالدبادب من القصر الحسني دار المقتدر بالله، وضرب بدبادب أخر من الدار التي فيها عبد الله بن المعتز وكذلك [22 ا] في صلاة العشاء (1)، وصلاة الغداة من يوم الأحد، وشغل محمد بن داود عن احكام التدبير بالكتب إلى النواحي بخلافة ابن المعتز، واستيزاره إياه، وسمي ابن المعتز المنتصف بالله وهو اللقب الذي اختاره، وجعل الناس يبايعون ابن المعتز، والذي يأخذ البيعة على الناس محمد بن سعيد المعروف بالأزرق، وكان يخلف محمد بن داود على الجيش، وكان الناس يحلفون بحضرة القضاة، وأحضر عبد الله بن علي بن أبي الشوارب قاضى المدينة وطولب بالبيعة لابن المعتز فلجلج قليلا وقال : ما فعل جعفر المقتدر بالله فدفع في صدره، فنفعه ذلك عند المقتدر فولآه قضاء بغداد، وعزل محمد بن يوسف عن القضاء وأباه يوسف بن يعقوب، وقتل أبو المثنى صبرا وهو أول قاض قتل في الإسلام صبرا (2)، لا يعرف ذلك في دولة بنى أمية ولا في دولة بني العباس مثل ما جرى على أبي المثنى.
~~قال أبو بكر : ولم يشك الناس أن الأمر تام [22 ب] لابن المعتز لاجتماع أهل الدولة عليه، وكان أحد من تخلف عنه «سوسن الحاجب» فإنه كان في دار المقتدر بالله، وقد كاتب عبد الله بن المعتز وبايعه على أن يكون حاجبه، فبلغه في ليلة الأحد أن «ايمنا» غلام المكتفي بالله يذهب ويجيء قدام ابن المعتز كالحاجب له، وكان عدوا ليمن يناوعه منذ أيام المكتفي بالله، وكان «سوسن» قد واطأ ابن المعتز على أن يوجه إليه بالمقتدر بالله وبصافي الحرمي، فلما بلغه أمر «يمن» رجع عن عزمه، وشد الأمر، وأحكمه وقوى نفس صافي ومؤنس الخادم ومؤنس الخازن، وأحضر الغلمان الذين في الدار، ووعدهم الزيادة، وأصبح عبد الله بن المعتز في يوم الأحد والناس كلهم عنده ومعه قد أعد للدار من الماء ومن جهة الحلبة وسائر الظهر الحسين بن حمدان وأمر ابن المعتز أن يجلس الجند في الحراقات والطيارات، وأن يصاعد بها إليه فلم يقبل منه. ووجه محمد بن داود إلى صاحب [23 )] الكسوة أن يوجه بخلع يلبسها أمير المؤمنين المنتصف بالله والبردة فرد إليه الرسول بأن المقتدر بالله قد لبسها. وصلى ابن المعتز بالناس الغداة في يوم الأحد، ثم التفت إلى القضاة والعدول فقال : قد آن للحق أن يتضح، وللباطل أن يفتضح.
مخ ۳۹