على المأمون والمأمون أسن منه لأن محمدا هاشمي الأبوين. وكانت زبيدة تقول للرشيد: في نفسك تفضيل عبد الله [14 آ] على ابني! فيقول لها : فكيف أصنع إذا كانت نفسه تقدمه، وإن أحببت أن أمتحن هذا بين يديك الساعة إمتحنته . قالت : فافعل. فوجه إلى كل واحد منهما: احضر الساعة فإني أريدك لأمر. فأما المأمون فإنه حضر في موكبه وغلمانه وقد لبس سلاحه، فقال له الرشيد : ما هذا الزي؟ قال: أرادني أمير المؤمنين لأمر، ولم أدر ما هو فاستظهرت بهذا وقلت : إن أرادني لوجه نفذت فيه من ساعتي ولم أتمكث، وإن يكن لغير ذلك فما ضرني، أكون مستعدا . وجاء محمد في الثياب التي يحضر في مثلها أبدا غير متفكر في هذا لعلمه بما أريد منه. فقال الرشيد لزبيدة كيف أصنع بابنك وقد قدمته وهذه حاله على عبد الله وقد رأيت ما كان منه، فما كان عندها جواب في ذلك.
~~قال أبو بكر : وهذا خبر مشهور وقد رويناه، فجاء به المقتدر بالله بحسن قريحته، حيث مضى شيء يشبهه في وقته . ولعل أكثر الناس لا يعلم (4( ب] أن مثل هذه الفضائل في المقتدر، وكان هذا الحديث لي من أمير المؤمنين الراضي بالله في سنة ثلاث عشرة وثلثمائة وحدثني عنه أنهم كانوا يوما بين يديه وكان أصغر الولد في ذلك الوقت «الفضل» فأجلسه على سريره معه، وجعل يقبل عينيه فيرشفه في الوقت بعد الوقت . قال : فظن أن ذلك مما أكره فقال : يا محمد! لا تنظر إلى فعلي هذا ب «فضل» فتظن أنه بعشرك عندي ولا أحد من الناس ولكنه صغير ولم تزل الرقة والمرح تنصرفان إلى الأصغر من الولد، وللكبير جلاله ومحله. قال فشكرت ذلك من قوله ودعوت له.
~~قال الصولي: وحدثني الراضي أيضا وقد كان أستأذن في العبور إلى «الزبيدية» وأن يدعو إخوته إليها، فأذن له المقتدر في ذلك وأطلق مالا خطرا للنفقة، ولم يطلق له من أمره بذلك إلا بعضه، وكنت أنا وسائر عبيده الذين يأنس بهم ممن حضر في ذلك اليوم. ووافى إخوته وتخلف [115] منهم «العباس» وكان يوما شهيرا في جلالته، فحدثنى في ذلك الوقت أن أباه المقتدر بالله أنكر عليه تخلف أخيه العباس، وأنه اعتذر إليه لم يبق غاية في سؤاله ذلك، والتأكيد عليه فيه، ولكنه آختار التخلف عنه. فقال له المقتدر بالله: كان يجب أن تمضي إليه أنت بنفسك حتى تنهضه معك ، فإنك كبير هؤلاء ورئيسهم ، ويجب عليك أن تداريهم وتحتملهم وتلطف لهم. فعجبت واله من هذا الفهم التام، والقريحة الحسنة، وإنما جئت ها هنا بطرفي من محاسنه ليعرفها من لعله قد جهلها، إلى أن آتي بما بقي منها في أخباره إن شاء اله.
~~قال أبو بكر : وكان ((1) الحوادث في أيامه : قتل العباس بن الحسن الوزير
مخ ۳۲