81

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

ويقول العميد: «إن الأساتذة المختصين قرءوا الكتابين وقرروا أنه ليس فيهما ما يجرح الشعور الديني أو يمس الإسلام أو رسوله الكريم، وقد رفعت تقرير رئيس قسم اللغة الإنجليزية إلى مدير الجامعة فأقره المدير ووافق على ما رآه مجلس الكلية بهذا الشأن، وعلمت أن التقرير عرض على معاليكم فوافقتم على رأي الكلية وأيدتموه ، أبلغني ذلك عدد ممن تحدثتم إليهم معاليكم في هذا الشأن.»

ويقول الوزير: «صحيح، صحيح، ولكن هذه الآن هي أوامر رئيس الحكومة.»

ويرد العميد: «إذن تبحثون عن عميد ينفذ أوامر رئيس الحكومة مهما تكن ودون سؤال، فإن طه حسين لا يحسن ذلك.»

ويدعو الوزير العميد لمقابلته للتفاهم، فيعد طه حسين بالذهاب إلى مكتب الوزير، ولكنه غير موقن بأن الوزير سيرى غير ما يراه رئيس الوزراء. •••

الطلاب يستمعون إلى المحاضر باهتمام في المدرج الكبير في كلية الآداب صباح يوم 21 مارس سنة 1939، ولكن باب المدرج يقتحم فجأة ويتدفق عدد من الشباب من خارج الكلية يهتفون بسقوط الكلية وحياة الإسلام! وإدارة الكلية تتصل ببوليس الجيزة مستنجدة، ولكن البوليس يعتذر بحجة أنه ليس لديه قوة تستطيع حماية الكلية، والمهاجمون يقتحمون المدرجات وقاعات البحث ويصعدون سلم الكلية متجهين إلى غرفة العميد يهتفون بسقوط العميد الأعمى، يحاولون اقتحام حجرته وهو فيها وحده، فيوقفهم بعض السعاة والموظفين وعدد من الطلاب خرجوا من محاضراتهم وأسرعوا يحمون غرفة العميد. ويرتفع الضجيج من المهاجمين وتتعالى الهتافات وبعضها قبيح شديد الإسفاف مهين للطلبة جارح للطالبات، وأخيرا يتمكن طلاب الآداب وموظفوها من إجلاء المهاجمين.

ويلبي العميد ومدير الجامعة دعوة الوزير، الذي يفسر موقف رئيس الوزراء: إن الوزارة تواجه ظروفا صعبة، ورئيس الوزراء لا يريد أن يثير أزمة لا داعي لإثارتها في هذه الأوقات.

وينصرف العميد من عند الوزير إلى داره ويرسل استقالته، وقد فصل أسبابها، إلى مدير الجامعة.

إن الدكتور هيكل وزير المعارف قد سبقت له قراءة مسرحية «جان دارك»، وهو يعتقد أن ليس فيها ما يقتضي منع طلاب الجامعة من قراءتها وقد أبلغ ذلك بنفسه لعميد كلية الآداب، ولكنه عضو في وزارة محمد باشا محمود، وموقفه حرج، لذلك فهو يزور العميد المستقيل في منزله، ويتحدث إليه عن ظروف الوزارة وظروف رئيسها، وما يحيط به وبها من مؤثرات، رئيس الوزارة لا يحتاج إلى مزيد من الإزعاج، وتكفيه المشاغل والمخاوف التي تواجهه بسبب اضطراب الحالة الدولية وتدهورها.

وينتقل هيكل إلى الحديث عن عمله هو في وزارة المعارف، ومتاعبه فيها، إن مدير الجامعة سوف يرد إليه الاستقالة «آسفا أشد الأسف للحوادث التي دعت إلى تقديمها، راجيا أن يعود العميد إلى عمله بالكلية بما يعرفه له من الكفاية والإخلاص»، ويطلب الوزير هيكل من صديقه العميد أن يقبل هذا الرجاء الذي سيقدم له رسميا بهذه الصيغة. •••

ألمانيا النازية تقوي أجهزة دعايتها بإشراف «وزير الرايخ للتنوير والدعاية» جوزيف جوبلز، الذي يزور القاهرة بنفسه في شهر إبريل 1939، وإيطاليا الفاشية شديدة الاهتمام بمصر، والجنرال إيتالو بالبو نجم الطيران الإيطالي يزور القاهرة في مايو سنة 1939، والشائعات تتناثر عن اتصالات دول المحور بالملك فاروق وبعض المسئولين في مصر.

ناپیژندل شوی مخ